أبناء عظماء

إنك تعرف من يكونون: هم فِتيان الصف الرابع الذين يندفعون مسرعين ليكونوا أول من يُحيِّي معلمتهم ويساعدونها على حمل أغراضها من السيارة؛ وهن فتيات الستة عشر عامًا اللاتي يدعون زميلة الصف الجديدة لتناول الغداء معهن؛ هم الأطفال العاديون الذين يصرخون في مرح بينما يأخذون أدوارهم على "الزحلوقة"، والرُضَّع الذين يُحدِّقون بحب في عيون أمهاتهم.

هم أطفال رائعون, كم مرَّة قلتَ: "ذلك الولد "جوش" طفل رائع"، أو "أحب زميلات فريق كرة قدم ابنتي، هن طفلات رائعات". كثيرًا ما نسمع هذه العبارة، ونعرف مقصدنا منها جيدًا، هم ليسوا الأطفال الذين يحصلون على علامات جيدة في اختبارات سات المُجمَّعة، أو أبطال كرة المضرب، أو نوابغ الموسيقى، وعلى الرغم من أن هؤلاء الأطفال أيضًا رائعون بالطبع، لكننا نقصد الشباب المُفعمين بالحيوية، والمُستقلين، والودودين، والمتفائلين الذين يحالف الكثيرين منا الحظ أن يعرفوهم. ومع كل الأخبار السيئة التي تسد الآفاق عن أطفال اليوم، يعرف أي شخص يعيش, أو يعمل مع الأطفال, أن هناك أخبارًا جيدة أيضًا.

إن "الأطفال الرائعين" هم الأصحاء نفسيًّا وعقليًّا، ولا يُقصَد بكلمة "رائعون" صفة مزاجية مُحدَّدة كالجرأة، ولا تعتمد على مهارات رياضية أو على موهبة موسيقية، أو حسابية، أو فنية، فالأطفال الرائعون موجودون داخل مختلف الجماعات، فإذا توافرت الرعاية والتشجيع، يمكن لكل الأطفال أن يكونوا رائعين.

وتتضمن الصحة النفسية والعقلية بعض القدرات الأساسية والسمات التي تكمن في المهارات والمواهب التي قد يُطوِّرها الأطفال في النهاية، وتتعلَّق هذه القدرات والسمات بطريقة تعامل الأطفال (والبالغين) بعضهم مع بعض, ومع العالم الخارجي، إذ يبدأ تشكُّلها في مرحلة الطفولة, وتجعل السعي وراء النجاح والحكمة والعلاقات الثرية ممكنة في كل مراحل الحياة.

يبدأ التفاعل والتقمُّص العاطفي، على سبيل المثال، مع أول تبادل للحديث بين الأب والطفل, ويواصلان شحذ فهمنا واهتمامنا بالمجتمع والعالم الذي نعيش فيه. ويُعد الفضول والتفكير المنطقي أساس أي من أنواع الدراسة الأكاديمية، والابتكار، والقيادة التنظيمية، وفي غياب بناء القدرات الأساسية للوعي بالذات والاتزان الانفعالي والانضباط، تكون إمكانات الأطفال حتى أكثرهم موهبةً في خطر.