جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
الذئب الأغبر
تاريخ النشر:
2018
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
275 صفحة
الصّيغة:
19.99 ر.س
نبذة عن الكتاب
في القرن الثالث عشر الميلادي أجدبت الأرض في جزء كبير من المعمورة نتيجة لقلة الأمطار، فأصاب القحط أكثر البلاد الممتدة بين سور الصين وآسيا الوسطى.. بحيث اضطرت القبائل التي تقطنها إلى الهجرة بحثا عن مراع جديدة، وكان "الأتراك العثمانيون" من بين أولئك المهاجرين، وزعيمهم يومئذ "سليمان شاه" الذي جعل شعاره علما عليه صورة لرأس "ذئب أغبر!".
والواقع أن هؤلاء الأتراك العثمانيين كانوا جبابرة قساة يعيشون على الفطرة، أقوياء، ذوي وجوه مغولية مسطحة تتوسطها عيون مشقوقة.. وكانوا أشبه بالذئاب الغبراء التي تجوس خلال تلك البراري الفسيحة في آسيا الوسطى.. لكنهم -برغم ذلك- كانوا منظمين يدينون لزعمائهم بالخضوع التام والطاعة العمياء. وقد انقضت عليهم قرون وهم ينصبون خيامهم السوداء في سهول "سنجاريا" عند حافة صحراء "جوبي".. فلما اضطرهم نقص الماء والخضرة إلى النزوح عن بلادهم قادهم زعيمهم سليمان شاه نحو الغرب، ثم وجود أمامه قبائل التتار فانثنى بقومه جنوبا عبر "ارمينيا" إلى أن استقروا في آسيا الصغرى، حيث بدأ هناك تاريخهم الحديث!.
ومات سليمان شاه، فخلفه "ارغرول"، ثم تتابع الزعماء والسلاطين على حكم الأتراك العثمانيين عشرة أجيال كاملة، ابنا عن أب، فكان منهم الحاكم، والزعيم، وقائد الجيش، وعرف أكثرهم بالقسوة والجبروت. ولم يجدوا مشقة في غزو البلاد بعضها تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية الفاسدة الملوثة، وبعضها تحت حكم إمبراطورية العرب الممزقة في بغداد. وهكذا لم تمض ثلاثمائة عام بعد وفاة سليمان شاه الجد الأكبر للأتراك العثمانيين حتى كان خليفته العاشر العظيم السلطان سليمان القانوني، يحكم إمبراطورية شاسعة تمتد من ألبانيا، على البحر الأدرياتيكي إلى حدود فارس، ومن مصر إلى القوقاز، ودانت لحكمه هنغاريا والقرم، وجاءه ملوك أوروبا بالهدايا يلتمسون معونته في حروبهم، وتغلغلت جيوشه في الطريق إلى الشرق.. وأبحرت أساطيله مرفوعة الراية في أرجاء البحر الأبيض وسيطرت عليه. ثم اعترفت بسيادته بلاد شمال أفريقيا.. ودانت له القسطنطيينة، فتطلع إلى سيادة العالم كله، وأعد لذلك عدته. فما جاء عام 1580 حتى كانت جيوشه تدق أبواب "فينا".
على أن أمنيته الكبرى هذه لم تتحقق، ثم دب الفساد في إمبراطوريته في عهد خليفته سليم الأول، وتفاقم الفساد في العهود التالية، ففيما عدا واحدا من سبعة وعشرين سلطانا تعاقبوا على عرش الإمبراطورية العثمانية كان الحكم في واقع الأمر لحريم القصر والخصيان "الأغواث"!.. ووجد الأتراك أنفسهم بلا قائد ولا زعيم يوجههم إلى سواء السبيل، فأمعنوا في المجون وانساقوا مع الملذات والأهواء، فأصابهم الانحلال، وفقدوا صلابتهم الفولاذية ونشاطهم وحيوتهم وبسالتهم وكل قواهم المادية والمعنوية. وأخذت الشعوب التي حكموها تشق عصا الطاعة وتعلن العصيان، وحصل بعضها على الاستقلال كاليونان والصرب والبلغار!
وهكذا، لم تمض ثلاثمائة عام أخرى بعد سليمان القانوني حتى تهاوت الامبراطورية العثمانية مفلسة، عاجزة، عفنة!.. وانتهزت دول الغرب القوية فرصة تفكك هذه الإمبراطورية الشرقية وانحلالها، فسارعت إلى الإجهاز عليها واقتسام أسلابها!. فاستولت روسيا على القرم والقوقاز وطالبت بالقسطنطينية والطريق إلى البحر الأبيض عبر الدردنيل، ووضعت فرنسا يدها على سوريا وتونس، واحتلت بريطانيا مصر وقبرص!
وكانت ألمانيا يومئذ في مرحلة التوسع فانحازت إلى صف السلطان العثماني (عبد الحميد الثاني) ضد بقية أوروبا، لا رغبة في إنقاذ إمبراطوريته المنحلة، بل لكي تستأثر لنفسها بالنصيب الأكبر من الغنيمة!.
وفي سنة 1877 قررت روسيا أن تضع حدا لذلك الترقب، فأعلنت الحرب وتقدمت جيوشها حتى صارت على مسيرة عشرة أميال من القسطنيطينية.. وعندئذ حذرتها بقية دول أوربا بتحريض من (دزرائيلي) في مؤتمر برلين من مواصلة الزحف، وطالبتها بالانسحاب فورا، بدعوى وجوب المحافظة على سلامة الإمبراطورية العثمانية!
وبعد أربعة أعوام من ذلك التاريخ، وفي مدينة (سالونيك) – الواقعة عند قمة بحر إيجة – ولد لأب تركي يدعى على رضا وأم تركية تدعى زبيدة.. طفل أطلقا عليه اسم (مصطفى).. وكان هو نفسه (مصطفى كمال) أو (أتاتورك).. أو (الذئب الأغبر) الذي شاء القدر أن يتم على يديه إنقاذ تركيا من التقسيم والفناء!.
والواقع أن هؤلاء الأتراك العثمانيين كانوا جبابرة قساة يعيشون على الفطرة، أقوياء، ذوي وجوه مغولية مسطحة تتوسطها عيون مشقوقة.. وكانوا أشبه بالذئاب الغبراء التي تجوس خلال تلك البراري الفسيحة في آسيا الوسطى.. لكنهم -برغم ذلك- كانوا منظمين يدينون لزعمائهم بالخضوع التام والطاعة العمياء. وقد انقضت عليهم قرون وهم ينصبون خيامهم السوداء في سهول "سنجاريا" عند حافة صحراء "جوبي".. فلما اضطرهم نقص الماء والخضرة إلى النزوح عن بلادهم قادهم زعيمهم سليمان شاه نحو الغرب، ثم وجود أمامه قبائل التتار فانثنى بقومه جنوبا عبر "ارمينيا" إلى أن استقروا في آسيا الصغرى، حيث بدأ هناك تاريخهم الحديث!.
ومات سليمان شاه، فخلفه "ارغرول"، ثم تتابع الزعماء والسلاطين على حكم الأتراك العثمانيين عشرة أجيال كاملة، ابنا عن أب، فكان منهم الحاكم، والزعيم، وقائد الجيش، وعرف أكثرهم بالقسوة والجبروت. ولم يجدوا مشقة في غزو البلاد بعضها تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية الفاسدة الملوثة، وبعضها تحت حكم إمبراطورية العرب الممزقة في بغداد. وهكذا لم تمض ثلاثمائة عام بعد وفاة سليمان شاه الجد الأكبر للأتراك العثمانيين حتى كان خليفته العاشر العظيم السلطان سليمان القانوني، يحكم إمبراطورية شاسعة تمتد من ألبانيا، على البحر الأدرياتيكي إلى حدود فارس، ومن مصر إلى القوقاز، ودانت لحكمه هنغاريا والقرم، وجاءه ملوك أوروبا بالهدايا يلتمسون معونته في حروبهم، وتغلغلت جيوشه في الطريق إلى الشرق.. وأبحرت أساطيله مرفوعة الراية في أرجاء البحر الأبيض وسيطرت عليه. ثم اعترفت بسيادته بلاد شمال أفريقيا.. ودانت له القسطنطيينة، فتطلع إلى سيادة العالم كله، وأعد لذلك عدته. فما جاء عام 1580 حتى كانت جيوشه تدق أبواب "فينا".
على أن أمنيته الكبرى هذه لم تتحقق، ثم دب الفساد في إمبراطوريته في عهد خليفته سليم الأول، وتفاقم الفساد في العهود التالية، ففيما عدا واحدا من سبعة وعشرين سلطانا تعاقبوا على عرش الإمبراطورية العثمانية كان الحكم في واقع الأمر لحريم القصر والخصيان "الأغواث"!.. ووجد الأتراك أنفسهم بلا قائد ولا زعيم يوجههم إلى سواء السبيل، فأمعنوا في المجون وانساقوا مع الملذات والأهواء، فأصابهم الانحلال، وفقدوا صلابتهم الفولاذية ونشاطهم وحيوتهم وبسالتهم وكل قواهم المادية والمعنوية. وأخذت الشعوب التي حكموها تشق عصا الطاعة وتعلن العصيان، وحصل بعضها على الاستقلال كاليونان والصرب والبلغار!
وهكذا، لم تمض ثلاثمائة عام أخرى بعد سليمان القانوني حتى تهاوت الامبراطورية العثمانية مفلسة، عاجزة، عفنة!.. وانتهزت دول الغرب القوية فرصة تفكك هذه الإمبراطورية الشرقية وانحلالها، فسارعت إلى الإجهاز عليها واقتسام أسلابها!. فاستولت روسيا على القرم والقوقاز وطالبت بالقسطنطينية والطريق إلى البحر الأبيض عبر الدردنيل، ووضعت فرنسا يدها على سوريا وتونس، واحتلت بريطانيا مصر وقبرص!
وكانت ألمانيا يومئذ في مرحلة التوسع فانحازت إلى صف السلطان العثماني (عبد الحميد الثاني) ضد بقية أوروبا، لا رغبة في إنقاذ إمبراطوريته المنحلة، بل لكي تستأثر لنفسها بالنصيب الأكبر من الغنيمة!.
وفي سنة 1877 قررت روسيا أن تضع حدا لذلك الترقب، فأعلنت الحرب وتقدمت جيوشها حتى صارت على مسيرة عشرة أميال من القسطنيطينية.. وعندئذ حذرتها بقية دول أوربا بتحريض من (دزرائيلي) في مؤتمر برلين من مواصلة الزحف، وطالبتها بالانسحاب فورا، بدعوى وجوب المحافظة على سلامة الإمبراطورية العثمانية!
وبعد أربعة أعوام من ذلك التاريخ، وفي مدينة (سالونيك) – الواقعة عند قمة بحر إيجة – ولد لأب تركي يدعى على رضا وأم تركية تدعى زبيدة.. طفل أطلقا عليه اسم (مصطفى).. وكان هو نفسه (مصطفى كمال) أو (أتاتورك).. أو (الذئب الأغبر) الذي شاء القدر أن يتم على يديه إنقاذ تركيا من التقسيم والفناء!.
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج