مباحث في اللُّغة والتّاريخ والأدب

لاشك في أن هناك علاقة جدليّة وحواريّة بين اللُّغة و الفنّ والأدب والتّاريخ؛ فالفنُّ مادّة من مواد الكتابة التاريخيّة، والتّاريخ بدوره يشترك مع الفنّ في دعائمه الثّلاث: الإنسان، والزمان، والمكان، ويحضر دائماً في هذه المعادلة الجانب الجمالي والذوقي، ويرتبط التذوُّق بجملة من الجوانب الجماليّة؛ فتذوُّق الشيء يُقصد به كما يرمي إلى ذلك جاكسون في معرض حديثه عن التذوُّق، إدراك قيمته إدراكاً يجعلنا نشعر به شعوراً شخصياً مباشراً، وفي الآن نفسه نشعر حياله برابطة وجدانية تدفعنا إلى تقديره وحبه، والاندماج فيه بحرارة وحماسة؛ نظراً للجمال الذي أضفاه على أنفسنا، وللتذوُّق على هذه الصورة أهميته الخاصة في مجال التربية، إن مادّة المؤرّخ ومنبعه في الكتابة، والتأليف، والمراجعة يشتمل على الفن بكافّة أجناسه، والفن هو الفنّ في مفهومه الحديث، وبعد انفصاله عن سائر العلوم في الثقافة الغربية خصوصاً؛ فإنه اغتدى يعني كل نتاج جمالي بواسطة إبداع كائن واع...(2)، والحقيقة أن استلهام التاريخ، واستدعاء الترات يُمكن أن يتم تناوله من عدة جوانب متنوّعة ومختلفة؛ وذلك بالنظر إلى مضامينه الثرية ومحتوياته الزاخرة بالأحداث والتحوُّلات، وفي هذا الصدد نشير إلى جانبين يُمكن من خلالهما تناول التراث واستلهام التاريخ.