جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
شهيا كنبش في الثرى
تاريخ النشر:
2024
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
93 صفحة
الصّيغة:
19.99 ر.س
نبذة عن الكتاب
ها أنا أتقَرْفَص في غرفة موتي. ليلة ما قبل تنفيذ الحكم كانت دامسة تعكس دواخل الذين حضروا لسماع حكم لم يتوقعوه ولم أتوقعه قاسيا إلى ذلك المدى.
بأي نفسية يعيش الذي ينتظر موتا يعلم متى يُدَاهِمُه، ولو كانت المدة الفارقة بين الحكم وتنفيذه تعادل لمحة بصر؟ كانت ليلتي نظرا وتأملا وتدبرَ عُمْقٍ في عمق، ليلة رَجوْتُ ألا يعود راعي نجومها، أو يعود وهو يحبو متأثرا بجراح الذئب العميقة.
اقتاداني إلى شفير الجبل معصوب العينين موثق اليدين إلى الخلف، وفي كل رِجْل من رِجْلَيَّ الواهنتين سلسلة مربوطة إلى كرة حديدية تزن أحزاني. هالة ضخمة على يميني ومثلها على يساري. شعرت أن الهالتين تسايراني في خطوي، ربما تعاطفا، وربما هكذا أُمِرَتا. شممتُ رائحة أعشاب البحر، وأيقنتُ أن نهاية البَر أسفل رجلَيَّ تعني نهايتي..
أوقفاني على الشفير وخاطبني أحدهم:
- أتريد طلبا قبلَ...؟
أجبته:
- أي نعم، ضعا قلما في يدي اليمنى وورقة في يدي اليسرى.
أحسسْتُ رغم عماي بسبب ظلمة العصابة أنهما تبادلا نظرة استغراب، وأن أحدهما هز كتفيه الفارعتين تعبيرا عن قبول الطلب. عاد إليهم، وظل صاحبه واجما، خائفا، متوجسا. قوة إحكامه للقبض على ذراعي ازدادت، ولم تنفرج إلا بعودة زميله من نِفْره حاملا الذي طلبته.
حدَسْتُ أنهما تبادلا نظرة وكأنهما اتفقا على أمر ما، فألقيا بي في غياهب الهوة السحيقة، وفي طريقة الدفع أحسستُ أنهما كانا يريدان التخلص مني وتنفيذ مهمة قاسية على قلبَيْهما ولو كانا صَلْدَيْن صَدِئَين.
بين شفير الجبل وملمس الماء مسافةُ عُمْرٍ اختزلتها في ثوان معدودات، تذكرت الإخوة والأم والأب والصاحبة والابنين...حضرني مَن ظلمتُ ومن ظلمني، زلاتي وحسناتي. وفي حضن الماء أكملتُ المشهد، بما في ذلك القطة التي طلبت اللجوء في سطحنا لوضع صغارها، فقبلتُ طلبها وأمطرتِ الولودةُ الودودةُ الزقاقَ بقطط جميلة عيناء أبية التدجين واستبدال التراب والأقبية بفراش وثير وانتظار لقمة السيد ونهْرِه وغضبه ونَزقِ أطفاله أحيانا.
بأي نفسية يعيش الذي ينتظر موتا يعلم متى يُدَاهِمُه، ولو كانت المدة الفارقة بين الحكم وتنفيذه تعادل لمحة بصر؟ كانت ليلتي نظرا وتأملا وتدبرَ عُمْقٍ في عمق، ليلة رَجوْتُ ألا يعود راعي نجومها، أو يعود وهو يحبو متأثرا بجراح الذئب العميقة.
اقتاداني إلى شفير الجبل معصوب العينين موثق اليدين إلى الخلف، وفي كل رِجْل من رِجْلَيَّ الواهنتين سلسلة مربوطة إلى كرة حديدية تزن أحزاني. هالة ضخمة على يميني ومثلها على يساري. شعرت أن الهالتين تسايراني في خطوي، ربما تعاطفا، وربما هكذا أُمِرَتا. شممتُ رائحة أعشاب البحر، وأيقنتُ أن نهاية البَر أسفل رجلَيَّ تعني نهايتي..
أوقفاني على الشفير وخاطبني أحدهم:
- أتريد طلبا قبلَ...؟
أجبته:
- أي نعم، ضعا قلما في يدي اليمنى وورقة في يدي اليسرى.
أحسسْتُ رغم عماي بسبب ظلمة العصابة أنهما تبادلا نظرة استغراب، وأن أحدهما هز كتفيه الفارعتين تعبيرا عن قبول الطلب. عاد إليهم، وظل صاحبه واجما، خائفا، متوجسا. قوة إحكامه للقبض على ذراعي ازدادت، ولم تنفرج إلا بعودة زميله من نِفْره حاملا الذي طلبته.
حدَسْتُ أنهما تبادلا نظرة وكأنهما اتفقا على أمر ما، فألقيا بي في غياهب الهوة السحيقة، وفي طريقة الدفع أحسستُ أنهما كانا يريدان التخلص مني وتنفيذ مهمة قاسية على قلبَيْهما ولو كانا صَلْدَيْن صَدِئَين.
بين شفير الجبل وملمس الماء مسافةُ عُمْرٍ اختزلتها في ثوان معدودات، تذكرت الإخوة والأم والأب والصاحبة والابنين...حضرني مَن ظلمتُ ومن ظلمني، زلاتي وحسناتي. وفي حضن الماء أكملتُ المشهد، بما في ذلك القطة التي طلبت اللجوء في سطحنا لوضع صغارها، فقبلتُ طلبها وأمطرتِ الولودةُ الودودةُ الزقاقَ بقطط جميلة عيناء أبية التدجين واستبدال التراب والأقبية بفراش وثير وانتظار لقمة السيد ونهْرِه وغضبه ونَزقِ أطفاله أحيانا.
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج