أثر التوقعات

توقعاتنا أشبه بالهواء الذي نتنفسه؛ فهي ترافقنا في كل مكان، ومع ذلك نادرًا ما ندرك وجودها، وقد تفترض أن جسمك مرن، أو أنه عرضة للمرض، وقد تظن أنك نحيف ورياضي بطبيعتك، أو أنك مهيأ لزيادة الوزن، وقد تعتقد أن ضغوط حياتك تضر بصحتك، وأن ليلة واحدة بلا نوم جيد ستجعلك أشبه بكائنات الزومبي في اليوم التالي.

قد تبدو هذه الافتراضات كأنها حقائق موضوعية حتمية، ولكن في هذا الكتاب أريد أن أوضح لك كيف أن هذه المعتقدات، في حد ذاتها، تشكل صحتك ورفاهيتك بطرق عميقة، وأن تعلم أن إعادة ضبط توقعاتنا بشأن هذه القضايا يمكن أن يكون له تأثيرات ملحوظة حقًّا في صحتنا، وسعادتنا، وإنتاجيتنا.

ألا تصدقني؟ إذن تأمل دراسة مثيرة للاهتمام أجرتها جامعة هارفارد. كان المشاركون من عمال نظافة الفنادق، الذين غالبًا ما يكون عملهم مرهقًا بدنيًّا، ولكنه يبدو مختلفًا تمامًا عن التمرين الذي قد تؤديه في صالة الألعاب الرياضية. ولتغيير تصورات عمال النظافة عن لياقتهم البدنية، أوضح لهم الباحثون أن كمية الطاقة التي يبذلونها خلال كنس الأرضيات، أو تغيير الأسِرَّة، أو تحريك قطع الأثاث على مدار الأسبوع ترقى بسهولة إلى مستوى التمارين الموصى بها للتنعم بصحة جيدة. وبعد شهر واحد، وجد الباحثون أن لياقة عمال النظافة تحسنت بشكل ملحوظ، وظهرت عليهم تغييرات كبيرة في الوزن وضغط الدم. ومن المثير للدهشة أن تغير معتقداتهم بشأن أجسادهم، وتوقعاتهم الجديدة لعملهم، كانت لها فوائد فسيولوجية حقيقية- من دون أن يغيروا أي شيء في نمط حياتهم.1

وسوف نكتشف كيف يمكن لـ"تأثير توقعات" كهذه أن تطول أيضًا قابليتنا للإصابة بالمرض، وقدرتنا على الحفاظ على وزن ثابت للجسم، والعواقب قصيرة وطويلة المدى للتوتر والأرق. وكما تبين لنا القصة التالية، قوة التوقعات عظيمة جدًّا لدرجة أنها يمكن أن تحدد مقدار حياتك.