رقصة أم الغيث

يقدم الروائي السعودي "عبد الرحمن العكيمي" رواية نسجها من عبق الأرض سمَّاها "رقصة أم الغيث" حيث حب الأرض يوحد أبطالها ويجعلهم نسيجاً متماهياً فالكل يتقاسم ألم القحط والجدب الذي أصاب تلك المنطقة الجبلية الساحرة ذات الرمال الذهبية "ديار الهضب" وتقع بين مدينة تيماء ومدائن صالح في شبه الجزيرة العربية ...حيث تدور أحداث هذه الرواية التي تعبر عن تمسك البدوي بأرضه كتمسكه بعشيقته "أنت أيتها الأرض أرواحنا الأخرى،وعشيقاتنا الحسناوات، وحكايات أجدادنا وأصوات بنادقنا...".يقدم الراوي شخصيات روايته من خلال وصفه لتفاصيل الحياة اليومية لهؤلاء النسوة والرجال، في سرد مشوق وحبكة فريدة مشبعة بالتداعيات والأفكار المعلنة أحياناً ببساطة وحرية، وأحياناً أخرى بضمنية مبطنة، تنبع من ذات القاص الخاصة الشفافة في تعبيرها عن هموم وشجون ذلك المجتمع الصحراوي الذي تذوب فيه "الأنا" "بالنحن" لتعبر عن الشجاعة والصمود في مواجهة الذات أولاً، والصعاب ثانياً، بكل الحب والتسامح الذي يتميز به أفراد هذه القبيلة. وهم: الشيخ ظاهر "أبو لافي" سيد القبيلة وحاميها، وله القرار الأول في "ديار الهضب".
أبو هاجع "غنام الحميدي" رجل في الخمسين من عمره، عراف ديار الهضب وقارئ الرمل يمتلك الحكمة والدهاء.
"أم لافي" زوجة شيخ القبيلة: لا تريد الرحيل "نريد أن نموت وندفن في تراب هذه الأرض".
"العنود" فاتنة القبيلة، "مملوءة بجمال نافر.. يخبئ مفرداته المتوقدة في تكوينها، وممهورة بالجاذبية المتناهية في انتظار الفارس القادم".
عزام "البواردي" فارس القبيلة، يقف شامخاً كقائدٍ عظيم يحرس هذه الأرض "وقف وكأنه جبل (ثلب) العالي في مدائن صالح، لكنه أجمل منه. "حبه القادم أوسع من بيوت الشعر وأعرضها، حيث العنود.. ألم لذيذ يستقر فوق مساحات الصدر ويغسلها".
أما "أم الغيث" فهي كرامة الصحراء القادمة.. النساء يرقصن معها حينما تجدب الأرض؟ هي رمز للعطاء والخصب "دمية من الخشب، يعلق عليها ثوب أبيض، ويرسم لها وجه تحملها النساء، فرحاً واستغاثة لكي ينزل المطر.. "يا أم الغيث غيثينا".. "عندما ترقص أم الغيث يهطل المطر وينبت العشب... ويبتل الطلح والرقم" ترقص بماء طاهر لا رجس فيه، هي رمز للحياة فالرقص هنا وأم الغيث توأمان في عشقهم للأرض والحياة معاً.
رواية ممتعة، غنية بأحداثها وبتنوع شخصياتها، وبعواطفها وانفعالاتها.