جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
مدخل إلى التاريخ الإسلامي

مدخل إلى التاريخ الإسلامي

تاريخ النشر:
2022
تصنيف الكتاب:
عدد الصفحات:
424 صفحة
الصّيغة:
24.99 ر.س

نبذة عن الكتاب

تنطوي الخبرة التاريخية على قيمة بالغة، ليس في السياقات الأكاديمية فحسب، وإنما في واقع الحياة. وإلى هذا فإن التاريخ إنما هو محاولة للبحث عن الذات، للعثور على الهوية الضائعة في العالم، للتجذر في الخصائص وتعميق الملامح والخصوصيات، أنه بشكل من الأشكال، محاولة لوضع اليد على نقاط التألق والمعطيات الإنسانية ...والرصيد الحضاري من أجل استعادة الثقة بالذات في لحظات الصراع الحضاري الراهن التي تتطلب ثقلاً نوعياً للأمم والشعوب، وهي تجد نفسها قبالة مدنية الغرب الغالبة... إزاء حالة من تخلخل الضغط وغياب التوازن الجوي الذي يسحب إلى المناطق المنخفضة رياض التشريق والتغريب أعاصيرها المدمرة.لقد أطلق أجدادنا على التاريخ اسم "أبي العلوم" وهم يدركون جيداً أن المعرفة التاريخية تتطلب إلماماً بمعظم المعارف الإنسانية الأخرى؛ لأن التاريخ إنما هو حركة حياة بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معارف وخبرات، أن التاريخ ليس، كما قد يخيل للبعض، مجرد حروب أو معاهدات، أو سلالات حاكمة تسقط وأخرى تقوم... إنه قبل هذا وبعده خبرة حضارية، ومشروع للتعامل مع الإنسان، وفرصة لاختبار قدرة العقائد والأديان على التحقق في الزمن والمكان وعلى تأكيد واقعيتها ومصداقيتها.
هذا وإن التاريخ الإسلامي يتميز بكونه انعكاس أكثر صدقاً لتأثيرات الإسلام، لقدرة هذا الدين على إعادة صياغة العقل والوجدان، وجدولة الظواهر والوقائع والأشياء بما يجعلها جميعاً في حالة الوفاق المنشود، الذي هو أحد الأهداف الأساسية لهذا الدين الذي يهدف إلى جعل الإنسان والعالم يتجهان بنبضها وحركتها ومعطياتها كافة إلى الله وحده.
إن الدراسة التاريخية، والحالة هذه، تغدو ضرورة من الضرورات؛ لأن العقيدة لا تتحرك في الفراغ ولا بد لها من فضاء تتشكل فيه وتعبر عن قدرتها على التحقق، حيث يصير التاريخ المرآة التي تعكس الحالة الإسلامية، بدرجة أو أخرى على صفحة العالم. من هنا تأتي هذه الدراسة التي تعتبر محاولة جادة للتأصيل الإسلامي للتاريخ. وذلك بهدف التأكيد على قيمة البعد الحضاري للتاريخ الإسلامي، أو بعبارة أدق: التأشير على الخصائص الإنسانية لهذه الحضارة، تلك الخصائص التي نسجها هذا الدين، والتي تمنح المبرر والدوافع لاستعادة المحاولة من أجل أن تنهض حضارة الإسلام مرة أخرى، ما دامت تحمل هذا القدر من الخصب والعطاء في تعاملها مع الإنسان. إن هذه الاستعادة، إذا أردنا الحق، تصبح، فضلاً على كونها ضرورة عقدية، ضرورة إنسانية للمشروع الحضاري البديل لا سيما ونحن نرى الإنسان في المدنية المادية المعاصرة يكاد يختنق ويضيع، وهو يتلقى يوماً بعد يوم ضغوطاً ودفوعاً تبعد به أكثر فأكثر عن إنسانيته... تنزاح به بعيداً عن سويته، فيشعر في لحظات الوعي أنه بأمس الحاجة إلى استعادة وضعه البشري الموزون.تنطوي الخبرة التاريخية على قيمة بالغة، ليس في السياقات الأكاديمية وإنما في واقع الحياة، فما ثمة معلم لمسيرة الأمم والجماعات والشعوب كالتاريخ، وهو بما يتضمنه من تجارب الصواب والخطأ، وحشود السنن والنواميس، يمكن أن يغدو دليلاً مناسباً للإفادة من الخبرات الإيجابية وتجاوز تكرار الخطأ الذي يجيء في كثير من الأحيان "أكبر من الجريمة" إذا استخدامنا عبارة السياسي الفرنسي المعروف (تاليران).
والتاريخ كله تاريخ معاصر، كما يقول الفيلسوف الإيطالي (بنيديتو كروتشه) مشيراً إلى التأثير البالغ للتجربة التاريخية على واقع الجماعات والشعوب، وإلى إمكان تجدد الوقائع ذاتها بمجرد أن تتهيأ لها الشروط التي تشكلت أول مرة.
ومنذ منتصف القرن الماضي ازداد اهتمام الغربيين بالدراسة التاريخية، وأخذت تتكشف لهم أكثر فأكثر أبعادها الفكرية والسياسية والتربوية، وضرورتها لمسيرة الشعوب والأمم، من أجل تجاوز خطيئة البدء من نقطة الصفر، والاستهداء بالخبرة التاريخية.
وبمرور الوقت أخذت تتزايد نداءات المفكرين بضرورة الرجوع إلى التاريخ، وراحت التجارب الأوروبية المتلاحقة في عالمي الفكر والواقع تمد بجذورها إلى الماضي باحثة عن المبررات والحجج والأسانيد، متطلعة إلى الصيغة الأكثر ملائمة للحاضر والمستقبل. وليست تجارب الثورات الفرنسية، وإدعاءات تفوق الرجل الأبيض، والشوفينيات الألمانية والإيطالية، والاشتراكيات الطوباوية، والماركسية-اللينينية، إلا شواهد على مدى الارتباط بين الفكر والتجربة المعاصرتين وبين الرؤية التاريخية.
لم يتم العثور على نتائج