جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
مواقف

مواقف

المؤلّف:
تاريخ النشر:
2017
عدد الصفحات:
349 صفحة
الصّيغة:
7.99 ر.س

نبذة عن الكتاب

هذا الجنس الأدبي الجديد القديم، صار يتيح الفرصة لمن ليس لديهم وقت لقراءة القصة القصـيرة، بالتحديد- ولا أقول الرواية، ذات الطعم المختلف- لأن يقرأوا الأقصوصة، بصفتها تكثف الحدث، المرسوم بمهارة مبضع جراح متمرس، وتوصل فنية الأقصوصة، وتشعرنا بالإدهاش، ومن ثم المتعة.. وحتى وهي بهذا القِصـر، فإن كتابة الأقصوصة ليست عملاً سهلاً، بل قد تكون أصعب من كتابة قصة قصـيرة.. وكأن الكاتب يسـير على حبل سـيرك رفيع مشدود، يتبعه القارئ في هذا الشد والتوتر..
والذي يدهشنا في هذه الأقصوصات هو المفارقة، وعنصـر المفارقة وحي آخر من أفق التجربة التي تخلق نصها، لتعطي سمة للالتزام فيه، فليس الإمتاع إلا جزءا خاصا، والثيمة التي تحملها أقصوصته، ليست مقحمة على العمل، إنما تأتي كإشعاع قصـير لكن له أثره، إذ أنك تبدأ بقراءة موقف لا تتوقع النهاية التي يدفعك السارد إليها.. كأن يقول في أقصوصته- رقم 11- في المجموعة بعنوان: «حرية الرأي..».«قد أخالفك في الرأي، ولكنني على استعاد لتقديم روحي فداء أن تقول رأيك بحرية.».... إلى هنا تفهم أن السارد يتحدث عن الحرية المكفولة لدرجة متناهية، رغم كل اختلاف.. ولكنك تفاجأ في الشطر الثاني من الأقصوصة قوله: «عبارة، قالها واحد كذاب، ثم قام، وقتل آسـيا وإفريقيا كلها بصمت مطبق». وهنا نجد مفارقة لم نتوقعها.. فرد الفعل كان مخالفاً لتوقعاتنا.. لقد كان المبتدأ مختلفاً عن الخبر... وهذا ما تتميز به أقصوصات فحماوي.. إذ أنها تعتمد بشكل واضح على المفارقة.. عكس التوقع.. وهذا ما يدهش القارىء، ويجعله يتوقف عند قراءة هذين السطرين اللذين شكلا الأقوصة.. فلا ينسـى هذا الموقف..
وهكذا نلاحظ أن عنوان المجموعة«مواقف» يعبر بدقة عن مضمون أقصوصات فحماوي.. إذ يتكىء فحماوي على عنصـر المفارقة في أقصوصاته، وخلق ألق الإثارة لدى القارئ فإن كان يحرص على تلبية ذوقه، إلا أنه يظل يحتفظ لنفسه بعنصـر الإدهاش في ومضة خاطفة تلمع لتسعد المتلقي بما هو جزء من الإدهاش والإمتاع.
في مجموعة أقصوصات «مواقف» لفحماوي، نجد تلك الرغبة في تلبية ذوق القارئ، وهو يورد في مقدمته أمثلة على ذلك، مشـيرا إلى أهمية أن يلتقي الكاتب والقارىء معا، لبناء ذوق مرسوم، ثم هو يبحث عن رد فعله في تقبل الحدث، ليرسم هذا الحدث بصورة تُوائِم توقعه.
وتختفي هنا صورة المؤلف ليكون القارىء هو أساس العمل الفني، ويهيمن على المؤلف، فسطوة القارئ لا حدود لها، كيف لا وهو يواكب متطلباته في كتابة هذا النص القصـير جدا، ولا ضـير إذ بتنا حتى في أدبنا نحرص على ذوق المتلقي وتسويق نصنا له، لكن على أن لا تخلق السطوة عدم اطمئنان الكاتب لما يكتب، أو تخلق حالة من ترقب القارىء أيا كان، فالقراءة كما القارئ أنواع، وإذ نلبي ذوق العام الأغلب، أو الخاص المدرك، فهذا شـيء لا بد أن يكون لنا تقبله أولا، نعلم جميعا أن نجاح الكاتب أو القاص أو أيا كان مسماه يعتمد على القراءة، لكننا نعني القراءة المدركة والمدركة..
سـيقولون إن قارئ اليوم ليس كقارئ الأمس، هذا صحيح، لكن الكتابة ملك لصاحبها، تنتهي ملكيتها للقارئ، بعد إلقائها إليه، فإن قارب فكرُهُ فكرَ متلقيه أو ذوقَه، حصل المراد. وإلى فما هو عمل الكاتب وما قيمته، إن لم تكن هناك شـريحة من الناس الذين يتقبلونه.
أما فيما يسمى بمواكبة العصـر في طرحنا للنص؛ رواية أو قصة أو أقصوصة، فنحن لا زلنا نعيش ضمن أجيال، وإن كان الذوق العام يتجه إلى هذه «الأقصوصة»، الومضة السـريعة.
فيما مضـى لم يعرف العربي كتابة القصة كما عرفها في العصـر الحديث، متأثرا بالغرب وبإحداثيات حياته، وكان لذلك أسبابه العديدة، منها أن العربي لم يعرف الاستقرار ليكتب عن أحداث طولى، وكان في الشعر مادته وديدنه، وحين استقر وكانت له حياته، التي يستطيع أن يسهب فيها كتب الرواية والقصة، متأثرا ومؤثرا، وإن كان قد ألف أقصوصاته، التي يستطيع أن يحملها في أسفاره، أن غدا، أو راح.
لم يتم العثور على نتائج