جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
السحاب الأحمر
تاريخ النشر:
2020
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
164 صفحة
الصّيغة:
7.99 ر.س
نبذة عن الكتاب
لما كتبتُ «رسائل الأحزان» في فلسفة الجمال والحب كنت في تدبيره، والرأي فيه كمَنْ يُؤرِّخُ عَهْدًا من شبابه بعد أن رَقتْ سِنُّه،١ وذهب يقينُه من الدنيا، ولم يبق إلا ظنُّه، فهو يكتب والكلام يَحن لدَيْه، والقلم يئنُّ في يديه، وكل وصف جاء به من الشباب قال رحمة الله عليه! وكنت أتعلق بأطراف اللغة التي فرَّتْ من الحياة معانيها، وذهب نورُها وظلامُها في أيامها ولياليها، فكان قلمي هو الذي يكتبها، ولكن قلبي هو الذي يُمْليها.
لغة الأحلام التي تعبِّرُ عن الحقائق على نحو ما وقعتْ يومًا لا على نحو ما تقع كل يوم، فهي تترجم للحياة في زمن من العمر تاريخ هذه الحياة نفسها في زمن آخر، وتُرْجع الإنسانَ كله لبقيَّته الباقية، وتأتي في الكلام لغير جِدال، كما تأتي الأجْوِبَةُ القاطعة على أسئلتها.
وهي لغة الماضي التي تحملُ ما حَملْتَ عليها؛ لأنها صافية كالحق، منزَّهة عن الريب كالواقع؛ فإذا وصفتَ بها الخير كانت كالمرآة المجلوَّة، أشرق فيها وجه جميل؛ فملأ صفاءَها جمالًا وفتنة. وإذا صوَّرتَ بها الشرَّ كانت كالمرآة، ووجه الزنجي؛ يملؤها سوادًا، ولكنه لا يَطْمس على شعاعها، وتضيف إلى سوادِه لَمَعانَ نورها ما دام فيها!
•••
كتبته بلغة الأحلام؛ والأحلامُ هذه إنما هي بعض ما مات منا، أو ما مات لنا؛ فإنْ استحال رجوعنا في هذا العمر عَوْدًا على الماضي؛ فهي رجوع الماضي إلينا؛ ومِن ثمَّ كان في لغتها شيءٌ ظاهرٌ من رَوْعة الخلق، وكانت لها معانٍ كأنها راجعة من سَفَرٍ بعيد إلى شوقٍ طال به الصبرُ.
كتبت كتابة قال الغافلون: إني أتكلف لها خيالًا ورواية؛ وقال العاشقون: إنها كلامُ قلوبهم، وقال الذين يفهمون الكلام: إنه هو في كلامه!
ولقد كنت من نفسي يومئذ كمن لو ضَرَبه الحب بقشة لجرحه جرحًا يَدْمَى،٢ وكنت أكتب عن ساحرة تبسمُ حتى لتظنُّ أنها لم تُوتَ وجهًا تعبسُ به، ثم تكون مع ذلك شرَّ ما هي كائنة من حيث لا تظنُّ أنت بها إلا الذي هو خيرٌ وأهْدَى!
وكنت في ذلك الكتاب شاعرًا، وحب الشاعر لا يخلو من الوزن …؛ وكنت متفلسفًا؛ وهيهات إن أصبتَ الحب أيها الفيلسوفُ إلا في امرأة معقَّدة، يؤلفها الله تأليفًا من العُسْر بين فهمك ومعانيها؛ فلا جَرَم كان الكتابُ في نوع من الحب المتألم لا يكون مثلُه إلا بين اثنين مَسَح الله يده على وجهه أحدهما، ثم مَسَح يده على قلب الآخر، ثم تراءَيا بعدُ؛ فما لَبثَ أن أشرق الأثرُ الإلهيُّ على الأثر، ووقع القضاء في الحب على القَدَر!
ألا إن كل باب يُفْتََح ويُغلق بمفتاح واحدٍ هو يُغلقه وهو يفتحه، إلا بابَ القلب الإنساني؛ فقد جعل الله له مفتاحين: أحدهما يُغلقه، ثم لا يغلقه سواه، وهو مفتاح اللذات؛ والآخر يفتحه، ثم لا يفتحه غيره، وهو الألم!
لغة الأحلام التي تعبِّرُ عن الحقائق على نحو ما وقعتْ يومًا لا على نحو ما تقع كل يوم، فهي تترجم للحياة في زمن من العمر تاريخ هذه الحياة نفسها في زمن آخر، وتُرْجع الإنسانَ كله لبقيَّته الباقية، وتأتي في الكلام لغير جِدال، كما تأتي الأجْوِبَةُ القاطعة على أسئلتها.
وهي لغة الماضي التي تحملُ ما حَملْتَ عليها؛ لأنها صافية كالحق، منزَّهة عن الريب كالواقع؛ فإذا وصفتَ بها الخير كانت كالمرآة المجلوَّة، أشرق فيها وجه جميل؛ فملأ صفاءَها جمالًا وفتنة. وإذا صوَّرتَ بها الشرَّ كانت كالمرآة، ووجه الزنجي؛ يملؤها سوادًا، ولكنه لا يَطْمس على شعاعها، وتضيف إلى سوادِه لَمَعانَ نورها ما دام فيها!
•••
كتبته بلغة الأحلام؛ والأحلامُ هذه إنما هي بعض ما مات منا، أو ما مات لنا؛ فإنْ استحال رجوعنا في هذا العمر عَوْدًا على الماضي؛ فهي رجوع الماضي إلينا؛ ومِن ثمَّ كان في لغتها شيءٌ ظاهرٌ من رَوْعة الخلق، وكانت لها معانٍ كأنها راجعة من سَفَرٍ بعيد إلى شوقٍ طال به الصبرُ.
كتبت كتابة قال الغافلون: إني أتكلف لها خيالًا ورواية؛ وقال العاشقون: إنها كلامُ قلوبهم، وقال الذين يفهمون الكلام: إنه هو في كلامه!
ولقد كنت من نفسي يومئذ كمن لو ضَرَبه الحب بقشة لجرحه جرحًا يَدْمَى،٢ وكنت أكتب عن ساحرة تبسمُ حتى لتظنُّ أنها لم تُوتَ وجهًا تعبسُ به، ثم تكون مع ذلك شرَّ ما هي كائنة من حيث لا تظنُّ أنت بها إلا الذي هو خيرٌ وأهْدَى!
وكنت في ذلك الكتاب شاعرًا، وحب الشاعر لا يخلو من الوزن …؛ وكنت متفلسفًا؛ وهيهات إن أصبتَ الحب أيها الفيلسوفُ إلا في امرأة معقَّدة، يؤلفها الله تأليفًا من العُسْر بين فهمك ومعانيها؛ فلا جَرَم كان الكتابُ في نوع من الحب المتألم لا يكون مثلُه إلا بين اثنين مَسَح الله يده على وجهه أحدهما، ثم مَسَح يده على قلب الآخر، ثم تراءَيا بعدُ؛ فما لَبثَ أن أشرق الأثرُ الإلهيُّ على الأثر، ووقع القضاء في الحب على القَدَر!
ألا إن كل باب يُفْتََح ويُغلق بمفتاح واحدٍ هو يُغلقه وهو يفتحه، إلا بابَ القلب الإنساني؛ فقد جعل الله له مفتاحين: أحدهما يُغلقه، ثم لا يغلقه سواه، وهو مفتاح اللذات؛ والآخر يفتحه، ثم لا يفتحه غيره، وهو الألم!
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج