جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
البخلاء

البخلاء

تاريخ النشر:
2020
تصنيف الكتاب:
عدد الصفحات:
287 صفحة
الصّيغة:
19.99 ر.س

نبذة عن الكتاب

تَولَّاك اللهُ بحفظِه وَأَعانَك عَلى شكره، ووفقك لطاعته، وجعلك من الفائزين برحمته، ذكرت حفظك الله أنَّك قرأت كتابي في تصنيف حيل لصوص النهار، وفي تفصيل حيل سراق الليل، وإنَّك سدَّدت به كل خلل، وحصَّنت به كل عورة، وتقدمت بما أفادك من لطائف الخدع، ونبهك عليك من غرائب الحيل فيما عسى ألا يبلغه كيد، ولا يحوزه مكر، وذكرت أن موقع نفعه عظيم، وأنَّ التَّقدم فِي درسه واجب، وقلت: اذكر لي نوادر البخلاء، واحتجاج الأشحاء، وما يجوز من ذلك في باب الهزل، وما يجوز منه في باب الجد، لأجعل الهزل مُستراحًا والراحة جمامًا.
فإنَّ للجد كدًّا يمنع من معاودته، ولا بدَّ لمن التمس نفعه من مراجعته، وذكرت ملح الحزامى، واحتجاج الكندي، ورسالة سهل بن هارون، وكلام ابن غزوان، وخطبة الحارثي، وكل ما حضرني من أعاجيبهم وأعاجيب غيرهم، ولِمَ سموا البخل صلاحًا والشح اقتصادًا؟ ولِمَ حاموا على المنع ونسبوه إلى الحزم؟ ولِمَ نصبوا للمواساة وقرنوها بالتضييع؟ ولِمَ جعلوا الجود سرفًا والأثرة جهلًا؟ ولِمَ زهدوا في الحمد، وقل احتفالهم في الذم؟ ولِمَ استضعفوا من هش للذكر وارتياح للبذل؟ ولِمَ حكموا بالقوة لمن لا يميل إلى الثناء، ولا ينحرف عن هجاء، ولِمَ احتجوا بظلف العيش على لينه، وبحلوه على مره؟ ولِمَ لَمْ يستحيوا من رفض الطييات في رحلهم، مع استهتارهم بها في رحال غيرهم؟ ولِمَ تتايعوا في البخل؟ ولِمَ اختاروا ما يوجب ذلك الاسم مع أنفتهم من ذلك الاسم؟ ولِمَ رغبوا في الكسب مع زهدهم في الإنفاق؟ ولِمَ عملوا في الغنى عمل الخائف من زوال الغنى؟ ولِمَ يفعلوا في الغني عمل الراجي لدوام الغنى؟ ولِمَ وفروا نصيب الخوف، وبخسوا نصيب الرجاء مع طول السلامة، وشمول العافية والمعافي أكثر من المبتلي؟
وليست الحوائج أقل من الفوائد، بل كيف يدعو إلى السعادة من خص نفسه بالشقوة، فكيف ينتحل نصيحة العامة من بدأ بغش الخاصة؟ ولِمَ احتجوا مع شدة عقولهم بما أجمعت الأمة على تقبيحه؟ ولِمَ فخروا مع اتساع معرفتهم بما أطبقوا على تهجينه؟ وكيف يفطن عند الاعتلال له ويتغلغل عند الاحتجاج عنه إلى الغايات البعيدة والمعاني اللطيفة، ولا يفطن لظاهر قبحه وشناعة اسمه وخمول ذكره وسوء أثره على أهله؟ وكيف وهو الذي يجمع له بين الكد وقلة المرافق وبين السهر وخشونة المضجع وبين طول الاغتراب وطول قلة الانتفاع، ومع علمه بأن وارثه أعدى له من عدوه، وأنه أحق بماله من وليه؟ أوَ ليس لو أظهر الجهل والغباوة، وانتحل الغفلة والحماقة.
لم يتم العثور على نتائج