ران

اعتصرت الهانم الهاتف في يديها بعد أن تنفست الصعداء وهي تتمتم بالحمد لله، ابتسمت ابتسامة رائقة جعلت وجهها يبدو أكثر ملائكية.

جميلة هي، هادئة، رقيقة كالفراشة، ارتدت بذة بيضاء اللون زادتها رقة وأنوثة، زيّن رأسها إيشارب لبني أضفى بريقاً على ملامحها الجذابة الدافئة.

تحركت بضع خطوات تجاه الأريكة الفخمة التي احتلّت مساحة كبيرة من الغرفة، بيضاء أيضاً، لطالما عشقت اللون الأبيض. جلست صامتة، تحسست بيديها تمثالاً صغيراً لطفل له جناحين وُضِع على منضدة بجانبها، تأملت المكان في عَجَب كأنها تكتشفه للمرة الأولى. مكتبها بسيط، ولكنه أيضاً يعطي إحساساً بالفخامة والرُقي. هكذا أرادته دائماً؛ واسعاً ومريحاً للعين والقلب معاً. أمامها مباشرةً مكتبة جميلة امتلأت كتباً مختلفة حتى آخرها، زُين الحائط ببعض اللوحات المُبهجة؛ بعضها يحمل صوراً للأطفال، والبعض الآخر صوراً لمناظر طبيعية. قامت على الفور كأنها تذكرت شيئاً مهماً وجلست في عُجالة. وَضَعَت على المكتب صورة فاتنة لها، وبعض الكُتب، وملفات كثيرة، فتحت الدرج الأول وأخرجت منه ملفاً كبيراً، نظرت إليه وقلّبت بعض الصفحات حتى وصلت للصفحة المنشودة، أسماء كثيرة مكتوبة بخط اليد، مرت بعينيها سريعاً على الأسماء من البداية حتى وصلت إلى الاسم الأخير في الصفحة (ابن نبيلة)، وضعت بجانبه علامة بالقلم الأحمر كباقي الأسماء، ثم قلبت الصفحة إلى صفحة أخرى تشبه سابقتها، نظرت إلى أول اسم، ثم قرأته بعينيها "ابن عبده"، سرحت في فضاء الغرفة، ثم بهدوء وارتياح أغمضت عينيها.