بذور المانجو

أغدق على شعره حتى غطى أذنيه، جعل كل شعرة لاتلتصق بأختها، لونه الأسود الفتان يحاكي الظلام، نام على السرير بلا وسادة، الفراش المخملي كان كافيا لجعل الشعر الكثيف يبقى كما هو، نام وكأنه لم ينم، نام فرحا ينتظر الزهرة البيضاء ليقطفها قبل أن تحمى الشمس، قبل أن يغازلها الندى أو يغرقها بماء فمه، نهض يجري والشعر يرقص مع خطواته المتسارعة نحو الملمس الأبيض، جلس على الأرض يبلل قدميه من الساقية، شعر ببرودة تسري في عروقه، الجو الذي تملؤه الأطيار يوحي بيوم فتان، ومع كل لحظة إبهار يعيد الشعر المجنون المتدلي على جبهته إلى مكانه، جاءت من خلفه لتفجعه، سحبته من الخلف، تألم وهو يضحك، عرف أن النسرين قد حل على الحديقة البيضاء، تناول يدها وأخذا يطوفان حول الساقية، كان الحقل يبتسم للعصافير التي تأكل من رؤوسه، وللسحاب الذي تهمي دموعه على ترابه، قال لها والشذى السحري يعبق بالمكان: البارحة نمت ولم أنم، تسريحة شعري على حالها منذ وضعت نفسي على السرير بلا وسادة، بتُّ أنتظر هذه اللحظة، غرزتْ أصابعها في رأسه كي تعبث بالرأس الجميل، لم يأبه بذلك، قال لها افعلي ماشئت، لاحرج عليك بعد كل هذا الغياب، عادا إلى مكان نومه، أخرجتْ مشطا ووضعته في رأسه، حلق ببصره في السماء، قطعتْ على نفسها وعدًا أن تبقى ساكنة عند قائم السرير، أغمض عينيه وهو يتنفس بعمق، عادت إلى المشط من جديد، ظل يتنفس.