مغامرات المراهقة.. الانطلاق والهوية

مرحلة المراهقة ليست مجرد انتقال بيولوجي أو زمني، بل مغامرة وجودية شائكة تمتد بين شوقٍ إلى الانطلاق وسؤالٍ حارق عن الهوية. إنها اللحظة التي يخطو فيها المراهق خارج ظلال الطفولة الوارفة نحو أرضٍ مجهولة، يسعى فيها لاكتشاف نفسه في مرآة الآخرين، وتثبيت أقدامه في عالم لا يمنحه إجابات جاهزة. في هذه المرحلة، تتوالد الأسئلة الكبرى: من أكون؟ ما الذي أريده حقًا؟ كيف أكون حرًا دون أن أضيع؟ كيف أنتمي دون أن أذوب؟
في هذه الرحلة، يصطدم المراهق بتناقضات المجتمع الذي يطالبه بالنضج بينما يحاسبه كطفل، ويمنحه مساحة صوت مشروطة بالإذعان. فيغدو التمرد وسيلةً للصراخ، والانطواء محاولةً للهروب، وتتحول المغامرات الصغيرة إلى تجارب كبرى تختبر حدود الذات والآخر.
لكن وسط العواصف، تكمن إمكانات هائلة. فالمراهقة، على هشاشتها، هي التربة الخصبة للوعي، والوقود الخفي للإبداع. عندما يُتاح للمراهق مساحة آمنة للتعبير، يصبح الشكّ طريقًا للإيمان، والقلق مدخلًا للفهم، والاختلاف بداية التميّز.
إنها مغامرة تحتاج إلى دعم لا وصاية، إلى احتواء لا قمع، إلى من يرى في هذا الكائن المتقلّب لا مشكلة يجب حلّها، بل طاقة كامنة تنتظر أن تُصقل بالحب، وتُنضج بالثقة، وتُوجّه بالحوار.