الأصوليات الإسلامية واستحالة التسامح- مامعنى أن تكون متطرفا؟

مشكلة الأصوليات الإسلامية ليست فقط في عودتها إلى شكل من أشكال التفكير الماضوي، والوقوق عند نقطة تعتبرها منتهى النقاء والصفاء. ولكن مشكلتها الحقيقية هي أنها بهذا الرجوع وهذا النكوص أوقفت حركة العقل والتاريخ والإنسان، ونسيت بأن الفكرة تموت لحظة التوقف. في هذا البحث نريد أن نبحث في خلفيات هذا العقل، وذاك التفكير لعلنا نعري شيئا من حقيقة مبثوثة في ردهات التاريخ، أو نكشف السّتار الذي يحاول كلّ واحد منّا أنْ يخفيه أملاً منه أنّ الحقيقة يمكن أنْ تُزال عبر الطّمس والتّحوير والصّمت المطبق في كتابة التّاريخ.
لا زالت تتردد على مسامعنا مقولة ذلك الرجل في لحظة زهو وفرح وهو يقول:" لقد هرِمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية "، تعبيرا عن لحظة مفصلية من تاريخ تونس، ومن تاريخ ما أطلق عليه حينذاك في سياق إعلامي جامح بالربيع العربي. فهل لحظة الثورة ربيع أم خريف؟. لا يمكن الجزم بذلك إلا بعد مرور مسافة زمنية من الحدث تخرج الباحث من حالة الانفعال والعاطفية الجماعية إلى حيث الاستيعاب والفهم. فالفهم هو ما نحتاجه اليوم، لأننا نحتاج قبل أنْ نحلم بالتغيير، أن نحلم بالفهم. فكثيرون منا يحلمون بتغيير العالم، في الوقت الذي يعجزون فيه عن تغيير مشكلة داخل ذواتهم، وكأننا نستحضر مقولة ديكارت التي صاغها صياغة رواقية، حيث إنّ السّعادة تكمن في "تغيير رغباتنا أكثر من تغيير نظام العالم ".