نظرية الفوضى في الشعر العباسي من التمرد إلى الجمال

في هذا الكتاب، لا تُقرأ الفوضى بوصفها اضطرابًا أو تشويشًا، بل بوصفها نظامًا آخر، متخفٍّيًا في قلب اللا متوقَّع، نابضًا في عمق القصيدة، حيث تسكن اللغة في حدود الانفجار، ويتقاطع الإبداع مع العلم، ويولَد الجمال من رحم التنافر.
هذه الدراسة ليست مجرّد دراسة تقليدية في النقد، بل هي رحلة تأمُّل في صميم الشعر العربي حين يخلخل نسقه، ويعيد ترتيب عناصره بوعيٍ وجوديٍّ وثقافيٍّ جديد.
أبو نواس، وأبو تمام، والمتنبي؛ ثلاثة أصوات كبرى، يتبدّى من خلالها كيف استطاع الشعر أن يواجه النسق السائد، ويقترح عالمًا مغايرًا، تتشابك فيه الذات والعالم، والعقل والعاطفة، والانضباط والانفلات.
من خلال نظرية الفوضى -هذه الرؤية الحداثية المتجاوزة للخطّ المستقيم- نقرأ القصيدة بوصفها كيانًا حيًّا، يتنفس التعدُّد، ويشتبك مع المفارقة، ويهدم ليبني، ويضيء المساحات المعتمة من المعنى.
هذا العمل، إذ يمزج بين جماليات البلاغة وتشظيات المعنى، وبين عبقرية الشعر وعوالم العلم، يقدم رؤية نقدية معاصرة، تأخذ بيد القارئ إلى مناطق لم تُكتشَف من قبل، وتمنحه مفاتيح تأويلية جديدة ليفهم من خلالها ما لم يكن يُفهم، ويُبصر ما كان مستترًا خلف أقنعة البلاغة التقليدية.