نقاط فوق حروف الوعي

معركة الوعي هي معركة الساعة، يتجاذبها طرفان:
طرف جعل من تغييب الوعي وسيلة للسيطرة على الشعوب، وإبقائها في مرحلة الطفو، فلا هي غارقة ولا هي مُبْحرة. لأن غرقها يحرمه من سوق العبيد، وإبحارها يحرمه من السيطرة والاستغلال. وفي سبيل ذلك يسلط على الشعوب كل قدراته السياسية، والإعلامية، والتعليمية؛ لتظل حبيسة الإلهاء والتجهيل..
فالإلهاء يجعل تلك الشعوب كثور حلبة المصارعة، يلهيه المصارع بالمنديل الأحمر، وكلما زاد انشغاله وهياجه بالمنديل وضع المصارع سهمًا في رقبته؛ ليظل جثة منهكة فاقدة للإرادة. والتجهيل يجعل تلك الشعوب كالثور الذي يدور في الساقية مغمض العينين في حركة دائرية، كلما أراد أن يتقدم للأمام حاصروه داخل نفس دائرة التخلف والجهل. وعلى الطرف الآخر يأتي دور الطليعة المثقفة؛ لكشف حقيقة تلك المناديل التي تلهي الشعوب وتنهكها في حلبة صراعها مع الطغاة والمستبدين.
ويأتي دورها في رفع العصابة عن أعين الشعب، ورسم الطريق وتبديد ظلام الجهل. وليست معركة الوعي هي معركة في المجال السياسي فقط،ولكن ميدانها حركة الحياة في الدين والفن والثقافة والفكر. وهدفنا أن تكون تلك المقالات المجمعة في هذا الكتاب مساهمة في معركة الوعي ضد التجهيل والإلهاء.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.