جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
نفق الذل

نفق الذل

المؤلّف:
تاريخ النشر:
2014
الناشر:
عدد الصفحات:
213 صفحة
الصّيغة:
34.99 ر.س

نبذة عن الكتاب

أخذتها الأيّامُ بعيداً، تقف على باب الجامعة تحمل دفترها المشهور بين زملائها بـ «جامع الأحلام»، تتحرّك بطمأنينةٍ وغنجٍ تداعب تراب الأرض، وتضحك كعادتها بصوت عالٍ، لأنّ المارّة يبتسمون لها، تزداد ابتهاجاً وكأنّ الجميع يعرف ما بها، يشجّعها أن تسأل أحدهم: هل رأيته؟ فيغمز لها مشيراً أن نعم، ويحرّك إبهامه إلى الخلف.

كانت الشوارع ترحّب به، والأشجار الملتفّة حول باب كلّيّة الآداب تلبس ثوبها الخريفيّ، تتساقط أوراقها، لم تكن تدرك أنّها فعل الطبيعة وحسب، بل كانت تؤكّد لنفسها أنّها تزفّها إلى الفرح كعادة أهل الشام بنثر الورود على عروس المساء. أيّ فرح هذا الذي يغمر ثناياها، وقد وزّعته هنا وهناك على العابرين! لم تكن أصوات أبواق السيّارات هذه المرّة تزعجها، كانت تكمل مشهدها الذي ترجوه. تلتفت حولها، ثمّ تعود من جديد لتضحك من توجّسها، تلحظه يمرّ بين عمودي المدخل، تختفي خلف الشجرة، تناديه: «حبيبـي عماد أنا منى أحبّك». يضحك من حولها الجميع. تقول له: «حتّى لا تهرب منّي كلّهم شهود عليك».

ينطلقان بلا هدىً يمشيان، حتّى يدركا حديقة العشّاق، تحاول أن تنتزع عن روّادها ألقابهم لتتقلّد لقب أميرة العشّاق، لم يكن أحد منهم ينـزعج لدخول شخص جديد إلى مساحاتهم، وتكاد الصداقات تعقد بينهم إلّا قليلاً. انـزوت عن الجميع لا خوفاً بل محاولة أن تستأثر بحبيب وجدت فيه كلّ ما يغري أنوثتها ويحرّر رغباتها، وكثيراً ما كانت تخشى أن يقارَن جمالها بجماله، فهو يتفوّق عليها حسناً وألقاً، يفرحها أن ينظر إليه مَن حوله كأيقونة للجمال، لكنّها تريده أيقونتها الخاصّة التي تبحث في أسرارها وتغوص في أعماق حزنها غير المفهوم. لم تعرف كيف يمكن لشابّ بهذا الحسن والعلم أن يغرق بوجومه.

تسأله أن يرافقها بسيّارتها، ثمّ تلدغه بعباراته: «أنا لا أركب سيّارة امرأة». وتعود لتهمس في أذنه شيئاً يستثيره ضحكاً، يردّ عليها بالموافقة، ثمّ تطمئنّ بأنّ رطوبة العشب الأخضر لن تعبث بثيابهما. تتخذ مكاناً تتّكئ فيه الى جذع الشجرة، تدعوه للجلوس، يضحك، يسألها: «ألا تخشين أن يراك أحد من أهلك..؟» تضحك وهي تقول له: «أنت أهلي.. فهل يزعجك افتراشي الأرض يا سيدي..؟».
لم يتم العثور على نتائج