الفوقية الإمبريالية الأميركية

يقول المؤلف "مايكل شوير" في مقدمة كتابه "الفوقية الإمبريالية الأميركية": "في الوقت الذي أقوم به بإتمام هذا الكتاب، لا تزال قوات التحالف الأميركي البريطاني إلى جانب قوات أخرى، تحاول السيطرة على ولايات لا يمكن السيطرة عليها على ما يبدو، في مرحلة ما بعد الحرب في أفغانستان والعراق، وتحاول في ...الوقت ذاته الوقوف في وجه مدّ حركات التمرد الإسلامية الأصولية، وفي كل مرة يطلق قادتنا على هذا الفشل الذريع صفة النصر الساحق. وبإدارة الولايات المتحدة وسياساتها لعمليات كهذه والحملات العسكرية التقليدية التي تسبقها، فهي بذلك تحول العالم الإسلامي إلى عالم متطرف، وهو هدف لطالما حاول أسامة بن لادن تحقيقه منذ أوائل التسعينات ونجح في ذلك إلى حدٍّ ما، لكن نجاحه لم يكتمل بعد. وفي النهاية، وبحسب اعتقادي، ولا يزال الكلم للمؤلف، يمكننا أن نستخلص أن الولايات المتحدة الأميركية تبقى الحليف الوحيد والأقوى لبن لادن".ويتابع شوير قائلاً: "يغفل القادة الأميركيون كعادتهم عن هذه الحقيقة وعن التهديد الرهيب الذي يمثله بن لادن لأميركا، وذلك باتباعهم سياسات تجعل أميركا أقل أمناً وطمأنينة في أي وقت مضى... وبما أنني أرفض أن أصدق، مع بعض الاستثناءات أن القادة الأميركيين الحاليين ليسوا إلا زمرة من الأغبياء أو أنني أفوقهم ذكاء، لذا فإنه لا يسعني إلا أن أخلص إلى أنهم، ولسبب ما، يرفضون أو لا يستطيعون تقدير حجم بن لادن بشكل صحيح. ولإيماني واعتقادي الشديد أنني على علم تام بما يعنيه بن لادن، فإنني أقوم بمحاولة ثانية هنا (كانت الأولى في كتاب عنوانه النظر من خلال عيون أعدائنا: أسامة بن لادن والأصولية الإسلامية ومستقبل أميركا) لشرح الأخطار التي تواجهها بلادنا تحت تهديد القوى التي يقودها ويلهمها هذا الرجل المميز بحق، وذلك من جراء الحرب العقيمة التي تشنها أميركا ضده".
من خلال هذه المقدمة يستشف القارئ الرؤية والخلفية التي ينطلق منها مايكل شوير مصوراً ضمن بعد حقيقي وواقعي الفوقية الإمبريالية الأميركية. في كتابه هذا يطرح شوير فرضية مفادها أن الأفكار هي التي تصنع التاريخ. وهذه الفرضية مفادها أن الأفكار هي التي تصنع التاريخ. وهذه الفرضية تقوم، وكما يقول، على أن الخطر الذي يمثله أسامة بن لادن يكمن في منطقية ووحدة أفكاره، ودقة صياغتها، والعمليات الحربية التي يقوم بها لزرع تلك الأفكار، ويتابع الكاتب مبيناً فرضية بأن أفكار بن لادن ذات أسس راسخة مستقاة من معتقدات الدين الإسلامي، تزيد من قوته وخطورته، وهي خطوط مقدسة، يعرفها تماماً معظم مسلمي العالم الذين يربو عددهم على المليار والذين يعيشون على هذه التعاليم ويتخذونها أساساً لحياتهم اليومية؛ إلا أنه وفي رأي الكاتب، بأن عمومية الأفكار الدينية ونمط الحياة الذي تشكله، تزود بن لادن وغيره من المسلمين المتطرفين بطريقة مشتركة لفهم الأحداث العالمية والتعامل معها... وبناءً على ذلك وفي سياق الأفكار المشتركة بين بن لادن وإخوته في الإسلام، يقول شوير، بأن هؤلاء يعتبرون العمليات العسكرية التي تنفذها القاعدة وحلفاؤها عمليات حربية وليست عمليات إرهابية، وهي جزء من الدفاع الذي فرضته كلمة الله الواضحة والصريحة كما جاء في القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ومن شأن هذه الهجمات تحقيق السياسة الخارجية لبن لادن والتي تتسم بكونها واضحة، ودقيقة، ومحدودة، وذات تشجيع شعبي قوي.
وهذه الأهداف هي، إنهاء مساعدة الولايات المتحدة لإسرائيل والقضاء بشكل كامل على الكيان الإسرائيلي، سحب القوات الأميركية وغيرها من القوات الغربية من أراضي شبه الجزيرة العربية، وسحب القوات العسكرية الأميركية وغيرها من القوات العسكرية الغربية من العراق وأفغانستان والأراضي الإسلامية الأخرى، وإنهاء دعم الولايات المتحدة لقمع المسلمين في الصين وروسيا والهند، وإنهاء الحماية الأميركية للأنظمة المرتدة عن الإسلام في... و... الخ والحفاظ على مصادر الطاقة العالمية التي بين أيدي المسلمين وبيعها بأسعار أعلى.
ويتابع الكاتب قائلاً: "ولتحقيق هذه الأهداف سيقوم بن لادن بتوجيه ضربات أقوى في الولايات المتحدة ويعززها في مناطق أخرى بضربات تقوم بها القاعدة أو أحد حلفائها.
تلك كانت نظرة عامة حول فرضيته التي رتب المؤلف من خلالها أفكاره منطلقاً من ثم لإيجاد مصادر موثقة تجعله قادراً على صياغة تلك الأفكار من خلال كتابه هذا الذي تضمن دراسة عمل فيها جاهداً على ترتيب أفكار بن لادن وحياته بشكل زمني، مقسماً الكتاب إلى فصول كل منها خاص بموضوع معين وفقاً لهذا الموضوع، كالحرب التي شنّتها الولايات المتحدة على أفغانستان، وتحليل الخسائر والمكاسب في الحرب الدائرة بين أميركا والقاعدة وحلفائها منذ العام 2001 وحتى العام 2004، ومدى تأثير الأحداث العالمية على الصراع بين الولايات المتحدة والإسلام، والأثر السلبي لعجرفة أميركا وسياستها التقليدية على فهمها لبن لادن وقدرتها على التغلب على القوات التي يقودها، كما أن المؤلف حاول تحسين صورة بن لادن، أفكاره، وكيف يراه الآخرون من مسلمين وغربيين. ويلفت الكاتب بأن في كتابه هذا وجهات نظر شخصية وذلك اعتماداً على قراءته لمصادر البحث والدراسات التاريخية والتي تكملها خبرته لأكثر ن عشرين عاماً في الاستخبارات الأميركية، ويضيف قائلاً بأن تعليقاته في كتابه هذا هي غاضبة واتهامية في بعض الأحيان، حيث أنها تعكس إيمانه العميق بأن حياة أبنائه وأحفاده في خطر؛ لأن أبناء جيله فشلوا عن عمد في فهم ومواجهة الخطر الذي تواجهه أميركا والمتمثل ببن لادن وحلفائه من المتشددين الإسلاميين. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب "الفوقية الإمبريالية الأميركية" هو من الكتب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة الأميركية، نظراً لمعالجة الكاتب الموضوعية لمسائل أقضّت وتقضّ أطماع الأميركيين على مختلف مستوياتهم.إن كتاب الفوقية الإمبريالية الأميركية الذي صنفته صحيفتا النيويورك تايمز والواشنطن بوست على انه من أفضل الأعمال التي نشرت حديثاً، قد صدر أساساً باسم "مجهول" وذلك بناء على طلب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من الكاتب كشرط أساسي لمنحه الإذن بالنشر. المؤلف هو مايكل شوير، وهو الرئيس السابق للوحدة الخاصة بقضية بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية. الجدير بالذكر هو أن المؤلف قد استقال من منصبه المذكور في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2004 بعد خبرة حوالي عشرين عاماً في العمل على القضايا المتعلقة بأفغانستان وجنوب آسيا. كما أن شوير كان قد أصدر سابقاً بقلم "مجهول" كتاب "عبر عيون أعدائنا: أسامة بن لادن والإسلام الأصولي ومستقبل أميركا". تم تقديم المؤلف في العديد من البرامج الإخبارية على محطات التلفزة المحلية والدولية، كما أجريت معه عدة مقابلات إذاعية بالإضافة إلى ظهوره في برامج وثائقية ذات صلة علاوة على أنه كان محور الإعلام المقروء في كافة أنحاء العالم.