أساور من ذهب

يعد فن الحلي والمجوهرات، فنًا مجتمعيًا كاشفًا لفترات ازدهار الأمة وإخفاقها، مسجلًا لثقافتها وأفكارها، فأحينًا تُستمد أشكاله من تقاليدها ومعتقداتها، وصياغته دلالة لما وصلت إليه من حرفية وتقدم. والصاغة المصرية على مدار تاريخها، زاخرة بتنوع فني، ثقافي، ومهني، واقتصادي، تاريخها جزء من تاريخ مصر، شاهدة على فترات الازدهار والإخفاق، راصد ما وصل إليه من فن ورقي، متأثرة بالتغيرات التي طرأت على تركيبته الاجتماعية، وعقائد عاشت بين طياته، ما بين معتقد إسلامي، ومسيحي، ويهودي، وثقافات متنوعة أثرت في وجدان تلك الصنعة، وحركتها، ونموها، من صناعة قوية زاخرة قبيل منتصف القرن، مرورًا بحالة من الركود خلال عقدين من الحروب، ثم انفتاحًا على لا شئ، وانتهاءًا بحالة من الضعف والوهن، وتشوه سمعتها، إثر تداول الأسواق مصوغات مزيفة. صنعة ومهنة، تفوح بتاريخ مصر، صواغ و" معلمين"ربوا أجيالًا، ونهضوا بصنعتهم، ومصوغات تشكلت من موروث ثقافي،وبيئي، وأخر عقائدي، وحُلى تزيينت بهن النساء بغية التزيين، وأخريات اقتنينهن بدافع الادخار. صنعة ارتبطت بعادات وتقاليد المصريين، تأثرت بأوضاعهم الاقتصادية وثقافتهم المُغايرة، وتباينت معها تفضيلاتهم، من قبول لعيار بعينه، ورفض لعيار أخر، ومن الذهب القشرة للذهب الصيني، ومن قدرة شرائية عالية إلى زهيدة، ويبقى الذهب شاهدًا عليهم. " أساور من ذهب" ... إطلالة علي أحداث ووقائع وشخصيات أثرت في صناعة الذهب خلال القرن العشرين، ولا يمثل توثيقًا بالمعنى المعهود، إذ يصعب التوثيق في مهنة تنوعت تفاصيل حركتها، فلا يجدي معه جهد فرد، إذ أنه بحاجة لتضافر هيئات ومؤسسات حتى تضع تاريخها بين عدة مجلدات.