جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
البنية الفكرية في القصيدة العربية

البنية الفكرية في القصيدة العربية

المؤلّف:
تاريخ النشر:
2017
تصنيف الكتاب:
عدد الصفحات:
145 صفحة
الصّيغة:
12.99 ر.س

نبذة عن الكتاب

يضمّ هذا الكتاب مجموعة من القراءات النقدية في نصوص من الشعر العربي، قديمه وحديثه. ويجمع القراءات انحيازها إلى النصّ الشعري أساسا، وبابا للولوج إلى عالم خصب عامر. من هذا المنطلق كان النصّ هو الذي يفرض منهج القراءة. وإذا كنت غير معنيّ بالالتزام الصارم بمنهج نقديّ من المناهج الراسخة، فهذا نابع من إيماني المطلق بأنّ النقد إبداع يتّخذ من النصّ المُبدَع أرضا لبناء عالمه الفنّي، وهو خلال ذلك يعيد بناء النصّ موضوع بحثه، دون أن يكون البناء الجديد بديلا عن حديقة الإبداع الأولى، بل حديقة أخرى تجاورها وتفتح أفقا للتحاور معها.
يؤكّد بلانشيه أنّ كلّ إنسان ينزع إلى الاعتقاد أنّ بناءه/تركيبه للواقع هو الواقع مطلقا، والحال أنّه مجرّد تأويل لهذا الواقع. بل إنّ كلّ خطاب ينعكس بفعل التلفّظ به، وبين الشفافية والكثافة يقول الخطاب عن نفسه شيئا غير ما يصرّح به. فكلّ خطاب يستدعي جزئيا خطابات أخرى يواصلها ويولّدها، سواء أدرك ذلك المشتركون فيه أو لم يدركوه، ضمن نسق دائريّ تنشدّ فيه العناصر بعضها إلى بعض. انطلاقا من هذا التأكيد فإنني أؤمن أنّ الخطاب الأدبي "لا ينقل العالم بحرفيّته، وإنما يسهم في إعادة صوغ الحياة وتشكيلها". وإذا كان التأويل هو مهاد هذه القراءات، المنفتحة منهجيا على كلّ ما يمكن أن يحقق فائدة للولوج إلى عالم النصّ موضوع القراءة، فإنها ليست غافلة عن قول محمد مفتاح: إنّ النصّ الأدبي يمكن أن يقبل تعدّد القراءات، لكن ما لا يقبله هو التأويلات غير المتناسبة منطقيا، لأنها تحطّم أهمّ دعامتين يقوم عليهما مفهوم النص، وهما: الانسجام والتعقيد المنظّم. كما أنني أؤمن بالطاقات الجمالية للغة الشعرية، التي تقوم على دعامة راسخة من المجاز وإيحاءاته الغنية، وبأنّ الخطاب الشعري يتشكّل حسب الأحوال النفسية لقائله ضمن بنية نفسية وسياق عام.
تجول القراءات التي تشكّل متن هذا الكتاب في عوالم فنّية زاخرة، تمثّل نماذج غنيّة من الشعر العربي قديمه وجديده. وقد بدأتُ بتقديم أسئلة مشروعة حول الإيقاع والمعنى في الشعر، متّكئا على خلاصة أبرز البحوث في هذا المجال. ثم انتقلتُ إلى التحاور مع نصّين خالدين هما: معلقة لبيد بن ربيعة التي كتبت قبل الإسلام، وقصيدة الذئب للبحتري العباسي، محاولا أن أطرح خلال ذلك رؤيتي التي تتضمن مدخلا واحدا لولوج عالميهما، على الرغم من أنّ النصّين قد كتبا في عهدين متباعدين زمنيا، وهو ما يقودنا إلى الظنّ أنّ البنية الفكرية والثقافية لأحدهما مختلفة كليا عن بنية الآخر. بعد ذلك مضيتُ إلى التمعّن في ظاهرة مثيرة برزت في الشعر الأموي، هي ظاهرة شعر النقائض، فجلتُ في نقيضتين من أشهر نقائض جرير والفرزدق، وحاولتُ خلال ذلك تقصّي معالم هذه الظاهرة، وجلاء أسبابها ومنطلقاتها، وأهمّ ما يميّزها. وإذا كنت أرى أنّ النقد الثقافي هو المنهج الأنسب للتعامل مع النقيضة، إلا أنّ قراءة تجليات العنف في نقائض جرير والفرزدق لا تخلو من ملامح البحث الجمالي، فأنا غير معنيّ –كما سبقت الإشارة- بالالتزام الصارم بمنهج مهما بلغ شأوه، وعلا صوته، كما أنّ النصّ هو الذي يقود القراءة حسبما تتطلّب ممرّاته وتشعّباته، ثمّ إنّ النقد بناء لا يملك مقوّمات الحياة إلا بالاتّكاء على البناء الجمالي الأوّل، أعني النصّ الأدبي. وإذا خلا البحث في بناء جمالي من تلمّس الجماليات، فلا بدّ أنّه يعاني نقصا ما. ثم ختمت قراءاتي في الشعر القديم بأن رنوتُ إلى خمرية من أجمل خمريات أبي نواس أتلمّس معالمها الغنيّة، نافذا إلى طبقة أكثر عمقا من طبقات النصّ النواسيّ الذي يضمر أكثر من ما يكشف. وما لبثت أن انتقلت إلى الشعر العربي الحديث، بادئا بنصّين دالّين من أبرز نصوص خليل حاوي، حيث جلتُ في قصيدتي "سدوم" و"عودة إلى سدوم"، وهما نصّان ينطلقان من مرجعيات واحدة، لكنهما يبحران في اتجاهين متباينين. ثم مضيتُ إلى قصيدة "خماسية الروح" لسعدي يوسف، حيث الأسئلة المعرفية التي تدفع الشعر إلى حديقة الفلسفة.
لم يتم العثور على نتائج