جميع الأسعار تشمل ضريبة القيمة المضافة.
مذكرات صحفي استقصائي
تاريخ النشر:
2019
تصنيف الكتاب:
الناشر:
عدد الصفحات:
770 صفحة
الصّيغة:
29.99 ر.س
نبذة عن الكتاب
عشت العصر الذهبي للصحافة، وقت لم يكن مراسلو الصحف اليومية يتنافسون مع دورة الأخبار المتواصلة على مدى أربع وعشرين ساعة، وقت لم تكن الصحف متخمة بأموال الإعلانات، التي تنشرها، وقت كان بمقدوري أن أسافر إلى حيث أشاء وقت أشاء ولأي سبب، وأنا احمل بطاقة ائتمان باسم الصحيفة التي اعمل فيها. كان هناك وقت كاف لإرسال الأخبار الطازجة دون الرجوع المتكرر والدائم لمعرفة ما استجدّ على الموقع الإلكتروني للصحيفة.
لم يكن هناك وجود لدعوة «خبراء» ليقابلوا صحفيين في ندوات متلفزة حية على الهواء. تبدأ كلّ ندوة تقريبا بالجواب عن أيّ سؤال بعبارة قاتلة من كلمتين في عالم الإعلام، «أنا أعتقد...» لقد غرقنا بالأخبار الكاذبة والمعلومات الناقصة المُختلقة والتأكيدات الواهية، التي تقدّم بشكل مستمر عن طريق الصحف اليومية وبرامج التلفزيون ووكالات الأنباء على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ورئيس الولايات المتحدة، نفسه.
نعم، الأمر فوضى! لا وجود لحلّ سهل ولا يلوح في الأفق مخلّص ينقذ الإعلام الجادّ. ستستمر الصحف الكبرى والمجلات ومحطات التلفزيون بتسريح مراسليها وتقليص هيئات العاملين فيها وتخفيض الميزانية المقررة لإرسال التقارير الجيدة، خاصة التحقيقات الصحفية التي غالبا ما تكون عالية الكلفة وذات نتائج غير متوقعة ولها القدرة على إغضاب بعض القراء، وقد تتسبب في إقامة الدعاوى بقصد التعويض المالي. تميل صحف اليوم إلى الإسراع في نشر القصص التي لا تزيد أساسا عن كونها معلومة سرية أو إشارة إلى شيء ضار أو وقوع جريمة. وبسبب ضيق الوقت والمال وافتقار الجهاز المهني، فإننا محاصرون بالإشاعات والأقاويل والقصص التي لا يكون فيها المراسل أكثر من ببغاء تردد ما تسمع. كنت اعتقد دائما أنّ مهمة الصحيفة هي أن تبحث عن الحقائق، وليس فقط نشر التقارير عن الخلافات. هل تمّ اقتراف جرائم حرب بحق اليمنيين؟ تعتمد الصحف هذه الأيام على تقرير للأمم المتحدة تمت مناقشته على مدى شهور. هل بذل الإعلام أيّة جهود جديّة لشرح لماذا لا يؤخذ تقرير الأمم المتحدة على محمل الجّدّ من قبل العديدين حول العالم؟ هل توجد تقارير تنتقد الأمم المتحدة؟ هل بإمكاني أن أسأل عن الحرب في اليمن؟ ولماذا رفع دونلد ترامپ اسم السودان من قائمة البلدان التي يُمنع السفر إليها؟ هل سبب ذلك لأنّ القيادة في الخرطوم دفعت ببعض قواتها للمشاركة في قتال معارك اليمن؟
قامت مهنتي بكاملها على أهمية الإفصاح عن الحقائق المرغوب وعدم المرغوب فيها، وجعل أمريكا واحة للمعرفة. لم أكن وحدي في خلق هذا الاختلاف، فقد سبقني إلى ذلك ديفد هولبوستام وچارلي مولر ورَد جَست ونيل شيهين ومورلي سافر، وغيرهم من صحفيي الدرجة الأولى، الذين قاموا بالكثير لكي ينوّروا أفكارنا حول الجانب الوضيع لحرب فيتنام. أنا اعرف أنّ الأمر لم يكن سهلا بالنسبة لي لأتحرك دون ضابط في عالم الصحافة العالمية حتى فترة ما قبل عشر سنوات حين بدأت الأزمة المالية. إنّني أتذكر بوضوح اليوم، حين اتصل بي دَيفد رَمنِك، محرر مجلة نو يوركر عام 2011 ليسأل إن كان بإمكاني إجراء مقابلة مع مصدر هامّ عن طريق التلفون، بدلا من أن أطير مسافة ثلاثة آلاف ميلا لأقابل ذلك المصدر شخصيّا. إنّ دَيفد، هو الذي عمل كلّ شيء ممكن ليساعد على نشر تقريري عن الرعب في (سجن أبو غريب) عام 2004، ودفع ثمنا غاليا ليمكنني من نشر تقريري المذكور على مدى ثلاثة أعداد متتالية من المجلة. لقد رجاني بصوت خافت شاحب مُحرَج يكاد يكون همسا، أن اجري تلك المقابلة.
لم يكن هناك وجود لدعوة «خبراء» ليقابلوا صحفيين في ندوات متلفزة حية على الهواء. تبدأ كلّ ندوة تقريبا بالجواب عن أيّ سؤال بعبارة قاتلة من كلمتين في عالم الإعلام، «أنا أعتقد...» لقد غرقنا بالأخبار الكاذبة والمعلومات الناقصة المُختلقة والتأكيدات الواهية، التي تقدّم بشكل مستمر عن طريق الصحف اليومية وبرامج التلفزيون ووكالات الأنباء على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ورئيس الولايات المتحدة، نفسه.
نعم، الأمر فوضى! لا وجود لحلّ سهل ولا يلوح في الأفق مخلّص ينقذ الإعلام الجادّ. ستستمر الصحف الكبرى والمجلات ومحطات التلفزيون بتسريح مراسليها وتقليص هيئات العاملين فيها وتخفيض الميزانية المقررة لإرسال التقارير الجيدة، خاصة التحقيقات الصحفية التي غالبا ما تكون عالية الكلفة وذات نتائج غير متوقعة ولها القدرة على إغضاب بعض القراء، وقد تتسبب في إقامة الدعاوى بقصد التعويض المالي. تميل صحف اليوم إلى الإسراع في نشر القصص التي لا تزيد أساسا عن كونها معلومة سرية أو إشارة إلى شيء ضار أو وقوع جريمة. وبسبب ضيق الوقت والمال وافتقار الجهاز المهني، فإننا محاصرون بالإشاعات والأقاويل والقصص التي لا يكون فيها المراسل أكثر من ببغاء تردد ما تسمع. كنت اعتقد دائما أنّ مهمة الصحيفة هي أن تبحث عن الحقائق، وليس فقط نشر التقارير عن الخلافات. هل تمّ اقتراف جرائم حرب بحق اليمنيين؟ تعتمد الصحف هذه الأيام على تقرير للأمم المتحدة تمت مناقشته على مدى شهور. هل بذل الإعلام أيّة جهود جديّة لشرح لماذا لا يؤخذ تقرير الأمم المتحدة على محمل الجّدّ من قبل العديدين حول العالم؟ هل توجد تقارير تنتقد الأمم المتحدة؟ هل بإمكاني أن أسأل عن الحرب في اليمن؟ ولماذا رفع دونلد ترامپ اسم السودان من قائمة البلدان التي يُمنع السفر إليها؟ هل سبب ذلك لأنّ القيادة في الخرطوم دفعت ببعض قواتها للمشاركة في قتال معارك اليمن؟
قامت مهنتي بكاملها على أهمية الإفصاح عن الحقائق المرغوب وعدم المرغوب فيها، وجعل أمريكا واحة للمعرفة. لم أكن وحدي في خلق هذا الاختلاف، فقد سبقني إلى ذلك ديفد هولبوستام وچارلي مولر ورَد جَست ونيل شيهين ومورلي سافر، وغيرهم من صحفيي الدرجة الأولى، الذين قاموا بالكثير لكي ينوّروا أفكارنا حول الجانب الوضيع لحرب فيتنام. أنا اعرف أنّ الأمر لم يكن سهلا بالنسبة لي لأتحرك دون ضابط في عالم الصحافة العالمية حتى فترة ما قبل عشر سنوات حين بدأت الأزمة المالية. إنّني أتذكر بوضوح اليوم، حين اتصل بي دَيفد رَمنِك، محرر مجلة نو يوركر عام 2011 ليسأل إن كان بإمكاني إجراء مقابلة مع مصدر هامّ عن طريق التلفون، بدلا من أن أطير مسافة ثلاثة آلاف ميلا لأقابل ذلك المصدر شخصيّا. إنّ دَيفد، هو الذي عمل كلّ شيء ممكن ليساعد على نشر تقريري عن الرعب في (سجن أبو غريب) عام 2004، ودفع ثمنا غاليا ليمكنني من نشر تقريري المذكور على مدى ثلاثة أعداد متتالية من المجلة. لقد رجاني بصوت خافت شاحب مُحرَج يكاد يكون همسا، أن اجري تلك المقابلة.
إضافة تعليق
لم يتم العثور على نتائج