متابعات في السياسة والثقافة

كائنات الله.إنها خصيصة من أرقى الخصائص التطورية التي تنمو بنمو الإنسان وتتدهور بتدهوره. إنها مزاج ولون تعبر عن طبيعة الإنسان في ضعفه وفتوته وانحساره وانكساره تحت وعوامل الزمن، تماما كما الأمم. لم يبق للغتنا العربية إلا أن تصرخ في وجه من أهانوها، وبرغم إهانتها فإنها لم تنبوهم، تنكبوا الجادة فنظرت لهم نظرة المتعجب لفراق الحبيب، وحاربوها بارتضاخ العامية فأبت إلا أن تحنو عليهم أدبا وعطاء.ولأن لغتنا إيهاب الأمة وشحمة وجودها وحياة شعوبها، وخزانة أفكارها، ومستودع ثقافتها ومرآة حضارتها، فقد تناول في هذا الكتاب ماهيتها وجمالها وأهميتها ووظائفها، وكيف أنها مرآة الحضارة ووعاء الثقافة، وعنفوان الوجود، ومحط ضرب الهوية باشد من آليات أزيز الطائرات، وقعقعة الدبابات، وطلقات منصات الصواريخ، وصخب طلقات المدافع . وكيف أنها ستكون واحدة من أنجع آليات هدم الأمم من الداخل، وواحدة من وسائل الجيل الرابع من الحروب، وتناحر وتصادم الجماعات والقوميات داخل كل قطر. ولهذا، وأكبر من هذا، كان كتابنا هذا الذي تناولنا فيه كيف تكون حروب اللغة فيما مضى وفي الحال والمآل وذلك من خلال فصول عدة في هذا الكتاب تناولت علاقتها بترقية النفس، والذكاء والتفكير والفكر والانتماء، وكيفية اللعب باللغة الثانية مبكرا لهدم الأمة، وتأثير ذلك على الأجيال القادمة ومستقبل الدول.