التفكير غير المباشر

لماذا يبدو أن بعض الأشخاص لديهم أفكار جديدة دائمًا، بينما لا يمتلك آخرون أية أفكار مع أنهم يتمتعون بمستوى الذكاء نفسه؟

منذ عصر أرسطو، تمت الإشادة بالتفكير المنطقي باعتباره الوسيلة الوحيدة الفعَّالة لاستخدام العقل. ومع ذلك، فإن حقيقة صعوبة الإتيان بأفكار جديدة تشير إلى أنها لا تأتي بالضرورة نتيجة عمليات التفكير المنطقي؛ فبعض الأشخاص يدركون نوعًا آخر من التفكير، تتم معرفته بسهولة عندما يؤدي إلى تلك الأفكار البسيطة التي لا تتضح إلا بعد أن يتم التفكير بها. وهذا الكتاب هو محاولة للنظر إلى هذا النوع من التفكير وإظهار أنه متميز تمامًا عن التفكير المنطقي، وغالبًا ما يكون أكثر فائدة في توليد أفكار جديدة. وتبسيطًا للأمور، تمت صياغة مصطلح "التفكير الجانبي" لوصف هذا النوع من التفكير، بينما يُستخدم "التفكير العمودي" للدلالة على عملية التفكير التقليدية والمنطقية.

ومن أجل تتبع ما يدور في العقل بشكل كامل، يجب ترجمة جميع أنشطته في نهاية المطاف إلى أنماط من الاستثارة في الشبكة العصبية في المخ. في الوقت الحالي، لم يتم معرفة إلا القليل نسبيًّا عن الأعمال التفصيلية للمخ، ومع ذلك فمن الممكن أن نفكر في مفهوم واسع لتركيبته. فمثلما يتم فهم التركيب الوظيفي للدائرة الكهربائية في المنزل دون معرفة تفاصيل شكل كل سلك أو تصميم كل مفتاح، يمكننا فهم عمليات التفكير عن طريق فحص المظهر الخارجي للعقل بحثًا عن أدلة النظم الأساسية. إن تحليل النظم من هذا النوع، على سبيل المثال، سوف يُقَيِّم آثار التفاعل المعقد للتغذية الراجعة الإيجابية والسلبية.