علم المال

لا يزال المال أحد أكثر الموضوعات إثارة للتفكير، والكثير من الانفعالات والخلافات بين البشر في العالم، وقد تم تأليف عشرات الكتب، والمقالات، ومنشورات المدونات، والخطب عن ماهية المال وكيفية كسبه وإنفاقه، ومن يمتلكه ومن لا يمتلكه، وعن غيره من الموضوعات الكثيرة الأخرى. ومع ذلك، وعلى الرغم من التركيز المستمر على الموضوع، فإن هناك كلمة واحدة تصف نظرة الشخص العادي إلى المال؛ وهي الالتباس.

وعلى الرغم من بعض الأبحاث العظيمة حقًّا، التي تم نشرها عن هذا الموضوع، هناك الكثير من المعلومات المغلوطة - ما يمكن أن نسميه الضجيج المالي الأبيض - عن أن معظم الناس يعتمدون على المصادفة لجني ثرواتهم، أو يتجاهلون الموضوع كلية. وهذا أمر ليس مؤسفًا فحسب، بل مأساوي، بسبب الإمكانات البشرية غير المستغلة التي لن يتم كشف النقاب عنها أبدًا حينما يترك الناس حياتهم للمصادفة، أو الأسوأ من ذلك، حينما يتخلون عن أحلامهم، كما أنه أمر شديد الأسف أيضًا؛ لأن أسرار المال، وطرق كسبه واستثماره، وكيفية إنفاقه، أمر معلوم.

حقًّا، هناك ما يسمى "علم المال"، على غرار علوم التغذية، والتشريح، والفلك، والكيمياء، والهندسة. وقد تم اختبار علم المال هذا، وثبتت جدواه مرارًا، ليس في سنوات أو عقود من الزمن فحسب، وإنما منذ ألف عام، وعلى الرغم من إمكانية ظهور نظريات جديدة في علم المال طوال الوقت - مثلما لدينا نظريات جديدة لعلاج السرطان أو الصلع - فإن تخصص هذا العلم وقواعده لاختبار النتائج والتحقق منها، سينقلان هذه الأفكار في وقت قصير من النطاق النظري إلى إحدى فئتين: الأولى: حقيقة قابلة للتحقق من جدواها، وهذا ما يسميه "براين" القانون؛ والثانية، هي فكرة ثبت بطلانها، وهذا ما يسميه "براين" الخرافة.

في هذا الكتاب، سنتناول كلتا الفئتين: أي قوانين المال التي ثبتت صحتها ويمكن الوثوق بها بقدر ما يمكنك الوثوق ببزوغ الشمس من المشرق؛ وخرافات المال. ويمكن أن تتضمن الخرافات تلك الأفكار التي قد لا تستند إلى أساس، لكنها قد تظل باقية بقاء الشائعات؛ وكذلك الأفكار التي زُعم أنها حقيقية – لكن حينما تم اختبارها، ثبت بطلانها – أو التي لم يتم إثبات صحتها بشكل مؤكد في أحسن الأحوال.

وفي النهاية، لدينا هدف محوري واحد؛ وهو إنهاء الالتباس بشأن هذا الموضوع بشكل قاطع، وتقديم الحقائق الجوهرية عن المال في بوتقة واحدة شاملة، ومن ثم إذا قمت فقط بدراسة الأفكار المقدمة إليك هنا، وتطبيقها على حياتك وعملك، فسوف تصبح ناجحًا على الصعيد المالي يقينًا، مثل اليقين بأن الشمس ستشرق غدًا.