جهازنا الهضمي

منذ العصور الماضية، منذ قُدّر للإنسان أن يعيش مع بني جنسه من البشر مجتمعين ضمن حدود جغرافية معينة في الأرض، وُجدت الأمراض التي جعلته يشعر بقلق شديد على صحته التي كانت ولا تزال تتعرض لشتى الأنواع من الأوبئة والمتلوثات، رغم أن التلوث البيئي قديماً كان خفيفاً إذا ما قسناه في هذا العصر المتطور في كل المجالات التقنية والاجتماعية والصناعية، حيث اشتد قلقه بازدياد نسبة هذه التلوثات التي تنتشر جراثيمها المعدية في الهواء الذي يتنشقه، والطعام الذي يقتاته والماء الذي ينهل منه. عدا عن تلك المعلبات المصنّعة التي يدخل في تعليبها وتغليفها ألف لون ولون من المواد الكيماوية التي يعتبرها الصناعيون أنها مواد حافظة للصحة، والإنسان الذي يتناولها يجهل مدى الأضرار التي تنجم عنها. ناهيك عن الأدوية التي يكثر الإنسان من تناولها، وأحياناً بدون استشارة طبيب، وفي اعتقاده أنها تسعفه من الحالة التي هو فيها، إلا أنه لا يدرك أنها تنجده من حالة وتفتك بجسمه في حالات أخرى.

أمام هذا الكمّ الهائل من الأمراض التي تصيب البشرية، فقد حاول المهتمون بصحة الإنسان أن يكشفوا عن الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى الإصابة بتلك الأمراض، فربطوا أسبابها بالدرجة الأولى بالطعام الذي يتناوله الإنسان يومياً. لذا كثرت الأقوال والتنبيهات حول الاعتناء بالصحة، “فأبو قراط” المعروف بأبي الطب يقول بأن “طعامنا هو صحتنا”، وينبه العالم الطبيب الحارث بن كلدة بأن “المعدة هي بيت الداء، والحمية هي رأس الدواء”. وآخر يبين الأسباب بقوله “ما ملأ ابن آدم وعاءً شرّاً من بطنه”.