الصليبية والجهاد

أعتَقِدُ أنّ على المؤلف أنْ يُقدِّم للقارئ تَعهدَاتٍ عِدّة. فأولاً يجب على المؤلف أن يصَرِّح كيف تَعلَّم ما يَكتُبُ عنه، وثانياً يجب عليه أن يُبيّن أن ما يَكتب عنه يَستحق القراءة، وثالثاً يجب عليه أن يُقدِّم نوعاً من خريطة الطريق التي تَربط بين الحوادث التي يَصفها، ورابعاً يجب عليه أن يُوضِّح الفرضية التي يريد تَقديمَها. وسأحاولُ هنا أن أفي لكم بهذه التعهدات.

أضَعُ هنا خبرة حوالي سبعين سنة من البحث والمتابعة، فقد عشتُ أو زرتُ البلاد التي أكتبُ عنها وأتيحتْ لي الفرصة للحوار مع سكانها وبَحْثَ أفكار وآراء وتصرفات زعماء وصحافيين وأكاديميين ومسؤولين حكوميين وبعض المراقِبين الحكماء مثل سائقي التاكسي والبائعين وأصحاب المتاجر.

تأثَّرتْ وجهة نظري سلباً أو إيجاباً بدراستي في عدد من الجامعات مثل جامعة أوكسفورد وهارفارد والجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة بغداد من خلال تعليمي للطلاب وتَعاملي مع زملائي في جامعة هارفارد وجامعة شيكاغو وتقديم المحاضرات أو حضور مؤتمرات وندوات في أكثر من عشرين جامعة أمريكية أخرى ومؤسسات مثل مجلس العلاقات الخارجية، المعهد المَلَكي للعلاقات الدولية (بيت تشاتهام)، وجامعة العلوم السياسية Science Po، ومعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية للأكاديمية العلمية السوفييتية، ومعهد الشرق الأوسط، والجمعية الأمريكية لدراسات الشرق الأوسط، ومعهد سانت أنتوني في جامعة أكسفورد، والجامعة العبرية في القدس. وقد كان للحوار وتَعبيري عن آرائي في هذه المؤسسات دور كبير في صَقل وتَنقيح أفكاري.

بصفتي كرئيس لمعهد أدلاي ستيفنسون للعلاقات الدولية، تَوثَّقتْ علاقاتي على مدى السنين بكثير من الزملاء والدارسين فيه، وكان منهم رجال ونساء ممن تَمتّعوا بخبرات كثيرة ومعارف عظيمة مثل السكرتير السابق للأمم المتحدة يو ثانت U Thant، واللورد كارادون Lord Caradon في وزارة الخارجية البريطانية، وإيفجيني بريماكوف Evgeni Primakov في روسيا، وعبد القيوم النائب السابق لرئيس وزراء أفغانستان، وفيد أرخورست Fed Arkhurst وزير خارجية غانا السابق، والجنرال إندار ريكي Indar Rikkye القائد السابق لقوات الأمم المتحدة للطوارئ، وإنريك بينالوزا Enrique Penalosa نائب الرئيس السابق لبنك التنمية الأمريكي ومحافظ بوغوتا، وموريس سترونغ Maurice Strong مؤسس ورئيس برنامج البيئة للأمم المتحدة، وبات براون Pat Brown حاكم ولاية كاليفورنيا، وكثيرون غيرهم ممن تكرَّموا بمشاركتي خبراتهم. كان المعهد مؤسسة بَحثٍ حقيقية شكَّلتْ وليمة فكرية فاخرة قدَّم كل واحد إليها طبقاً وتذوَّق الآخرون كل الأطباق والنكهات، وقد استفدتُ أكثر بكثير مما أعطيتُ.